فقال له أبو بكر بن عبيد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، فلم تخافهم على نفسك في مثل هذا؟ قال: الأمر الذي كنت فيه أعظم، فلم يلتفتوا إلى هذا مني، أعانني اللَّه على ذلك.
قال حنبل: فبينا نحن في ليلة خمس وعشرين من شهر رمضان في مسجدنا نصلى التراويح، إذا رسول إسحاق بن إبراهيم قد وافانا، فأخذ أبي وحمله على دابة، وذهبنا معه والناس يصلون التراويح، فذهبنا معه إلى دار إسحاق، فمضوا به إلى دار أبي إسحاق في المحرم، فبتنا تلك الليلة وفى صبيحتها ضُرب أبو عبد اللَّه، فقال لي: إني لما أصبحت أتاني ابن حماد بن دنقش وهو صاحب أبي إسحاق، فقال لي: إن أمير المؤمنين يقرئك السلام، ويقول لك: ابن أخيك إذا كانت له حجة انساب عليهم، فإذا كانت الحجة عليه، قال: لست بصاحب كلام إنما أنا صاحب أثر، فكلمه فليجبني.
قال أبي: فصرت إلى أبي عبد اللَّه، فقلت: يا أبا عبد اللَّه، قد عرف الأمر، وقد أبليت عذرا فيما بينك وبين ربك وأنت أعلم، قال أبى: فسكت أبو عبد اللَّه، فلم يرد علي شيئا، وجاء ابن أبي دؤاد، فدخل علينا، وقد كان غسان قال لأبي إسحاق: يا أمير المؤمنين، إن أحمد من بلادي، يعني من مرو، فإن رأيت أن تأذن لي حتى أكلمه وأناظره، فأذن له، فكان غسان والشافعي الأعمى يكلمانه، وجاء ابن أبي دؤاد، فجلس، فقال: يا أحمد، إني عليك مشفق، ولقد غمني حيث وجدت اسمك مع هؤلاء، فأجبني.
فقال له أبو عبد اللَّه: علام أجبيكم؟ لا أمر من كتاب اللَّه وسنة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-