إلي نفسي، وإذا استرخيت وسقطت رفع عني الضرب. أصابني ذلك مرارا لا أعقل.
قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: وكان ابن أبي دؤاد قبل أن أضرب يختلف إلي فأخذه القلق وهو ذاهب إلى أبي إسحاق، وجاء إلي بالوعيد والتهديد، وحاجبه ابن دنقش أيضا يأتيني برسالة أبي إسحاق يقول لك كذا، فلما لم يروا الأمر يصير إلى الذي أرادوا عزموا على أن ينالوني بما نالوني به، فقال له أبو بكر بن عبيد: يا أبا عبد اللَّه، فكيف رأيته هو -يعني: أبا إسحاق- قال: رأيته في الشمس قاعدا بغير ظلة يطلب ويتكلم، فربما لم أعقل وربما عقلت، فإذا عاد الضرب، ذهب عقلي فلا أدري، فيرفع عني الضرب، فسمعته يقول لابن أبي دؤاد: لقد ارتبكت في أمر هذا الرجل.
فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه واللَّه كافر مشرك، قد أشرك من غير وجه، فلا يزال به، حتى يصرفه عما يريد، وقد أراد تخليتي بغير ضرب، فلم يدعه هو ولا إسحاق بن إبراهيم، وعزم حينئذ على ضربي.
قال حنبل: وبلغني عن النوفلي قال: قال أبو إسحاق لابن أبي دؤاد، بعد ما ضرب أحمد وهو يسأله كم ضرب الرجل؟
فقال له ابن أبي دؤاد: نيف وثلاثين، ثلاثة أو أربعة وثلاثين سوطًا.
قال لي أبو عبد اللَّه: وقال لي إنسان ممن كان هنالك: ثم ألقينا على صدرك بارية وأكببناك على وجهك ودسناك، قال أبو عبد اللَّه: وما عقلت بهذا كل، وأمر بإطلاقي، فلم أعلم حتى أخرج القيد من رجلي.
"ذكر المحنة" لحنبل ص ٤١ - ٥٨
قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: لما حُملتُ إلى الدار مكثت يومين لم أطعم، فلما ضُربت جاءوني بسويق، فلم أشرب وأتممت