فقال: هذا كافر. فأمرني حينئذ فأقمت بين العقابين وجيء بكرسي فوضع له، فجلس عليه وابن أبى دؤاد وأصحابه قيام على رأسه، فقال لي إنسان: خذ الخشبتين بيدك وشد عليهما فلم أفهم منه ذلك، فتخلعت يداي، ثم
قال أبو إسحاق للجلادين: أروني سياطكم فنظر، فقال: ائتوني بغيرها فأتوه بغيرها، ثم قال لهم: تقدموا. وقال لهم: ادنوا واحدا واحدا، ثم قال: أوجع قطع اللَّه يدك، فتقدم فضربني سوطين، ثم تأخر، ثم قال لآخر: ادنو شد، قطع اللَّه يدك، فضربني سوطين، ثم جاء آخر، فلم يزل كذلك فأغمي علي لما ضربني أسواطا، فلم أعقل حتى أرخى عني، فجاء فوقف وهم محدقين به، فقال: يا أحمد، ويلك تقتل نفسك، ويحكك أجبني، أطلق عنك، وقال لي بعضهم: ويلك أمير المؤمنين قائم، ويلك إمامك على رأسك قائم، يعجني عجيف بقائمة سيفه، فقال لي: يريد يغلب هؤلاء كلهم. وجعل إسحاق بن إبراهيم يقول لي: ويلك الخليفة على رأسك قائم، وهذا يقول: يا أمير المؤمنين، دمه في عنقي. ثم يرجع فيجلس على الكرسي ثم يقول للجلاد: ادنه، أوجع، قطع اللَّه يدك، ولم يزل يدعو واحدا وحدا حتى يضربني سوطين سوطين، ويتنحى وهو يقول: شد، قطع اللَّه يدك، أوجع. قال: ثم قام إليَّ الثالثة وما أعقل، فجعل يقول: يا أحمد أجبني، قال: وجعل عبد الرحمن يقول لي: أصحابك يحيى وفلان وفلان، أليس قد أجابوا، قال للجلاد: أوجع، وذهب عقلي، فما عقلت واسترخيت. فلما أحس أني ميت، كأنه أرعبه ذلك، فأمر بتخليتي حينئذ، وأنا على ذلك لا أعقل، فما عقلت إلا وأنا في حجرة مطلق عني الأقياد.
قال أبو عبد اللَّه: ذهب عقلي مرارا، فإذا رفع عني الضرب رجعت