للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفسك، إني لأشفق عليك كشفقي على هارون ابني، فأجبني. قلت: يا أمير المؤمنين، ما أعطوني شيئا من كتاب اللَّه ولا سنة رسول اللَّه. فلما كان في آخر ذلك. قال لي: لعنك اللَّه، لقد طمعت فيك أن تجيبني. ثم قال: خذوه خلعوه واسحبوه.

قال: فأخذت ثم خلعت، ثم قال: العقابين والأسياط، فجيء بعقابين وأسياط. قال أبو عبد اللَّه: وأنا انظر، وكان معي شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطانيه ابن الفضل بن الربيع، وكان في صرة من قميص. فقال: انزعوا عنه قيمصه ولا تحرقوه، ثم قال: ما هذا في ثوبه؟

فقالوا لي: ما هذا في ثوبك؟ قلت: هذا شعر من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال: صُيرت بين العقابين فقلت: يا أمير المؤمنين: اللَّه اللَّه، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد ألا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه، إلا بإحدى ثلاث" (١) وتلوت الحديث، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم" (٢). فبم تستحل دمي ولم آتِ شيئا من هذا يا أمير المؤمنين، اللَّه اللَّه، لا يكفي اللَّه وبيني وبينك مطالبة يا أمير المؤمنين، اذكر وقوفك بين يدي اللَّه كوقوفي بين يديك، يا أمير المؤمنين راقب اللَّه، فكأنه أمسك ولم يترك.

فقال ابن أبي دؤاد وخاف أن يكون منه عطف أو رأفة: يا أمير المؤمنين، إنه ضال مضل كافر باللَّه.


(١) رواه أحمد ١/ ٣٨٢، والبخاري (٦٨٧٨)، ومسلم (١٦٧٦) من حديث ابن مسعود.
(٢) رواه الإمام أحمد ١/ ١١، ٢/ ٥٠٢، والبخاري (٢٩٤٦)، ومسلم (٢١) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>