نحو طريق الجسر، فقال لهم إسحاق: خذوا به هاهنا، يريد دجلة، فذهبت به إلى الزورق فحمل إلى دار إسحاق، ومع غسان والشافعي، فأتي به دار إسحاق، فأقامه عنده إلى أن صليت الظهر، وبعث إلى أبي وإلى جيراننا ومشايخ المجالس، فجمعوا وأدخلوا عليه، فقال لهم: هذا أحمد بن حنبل، إن كان فيكم من يعرفه وإلا فليعرف، وجاء ابن سماعة فدخل. فقال ابن سماعة: هذا أحمد بن حنبل، فإن أمير المؤمنين ناظره في أمر، وقد خلى سبيله، وها هو ذا، فأخرج على دابة لإسحاق بن إبراهيم عند غروب الشمس، فصار إلى منزله ومعه السلطان، فلما صار إلى الباب سمعت عياشًا صاحب الجسر لما رأى أبا عبد اللَّه قد أقيل، فقال عياش لصاحب إسحاق والناس قيام: تازية تازية -يعني: عربي عربي- فدخل أبو عبد اللَّه، ودخلت معه من باب الزقاق، وهو منحنٍ على الضربة التي كانت قد أجافت، ولم تنقب بحمد اللَّه، وكان عليه أن ينحني، فلما صار إلى باب الدار، وذهب لينزل فاحتضنته، ولم أعلم، فوقعت يدي على موضع الضربة، فصاح وآلمه ذلك ولم أعلم فنحيت يدي، فنزل متوكئًا علي، وأغلق الباب ودخلنا معه، ورمى أبو عبد اللَّه بنفسه على وجهه، ولا يقدر يتحرك هكذا ولا هكذا إلا بجهد، وخلع ما كان خلع عليه فأمر به فبيع وأخذ ثمنه فتصدق به.
وكان أبو إسحاق أمر إسحاق بن إبراهيم ألا يقطع عنه خبره، وذلك أنه تركه فيما حكي لنا عند الإياس منه، وبلغنا أن أبا إسحاق ندم بجد ذلك وأسقط في يده حتى صلح، وكان صاحب خبر إسحاق بن إبراهيم يأتينا في كل يوم، يتعرف خبره حتى صح وبرأ بعد العلاج، وخرج للصلاة والحمد للَّه رب العالمين وبقيت يده وإبهاماه متخلعتين يضربان عليه، إذا أصابه البرد حتى يسخن له الماء، وأصاب سوط من الضرب في خاصرته، وظنوا أنها قد