فغضب الواثق، وعاد مكان إكرامه له غضبًا عليه، فقال: أبو عبد اللَّه بن أبي دؤاد يضيق أو يقل ويضعف عن مناظرتك أنت؟ ! فقال له الشيخ: هَوِّنْ عليك يا أمير المؤمنين ما بك، وائذن لي في مناظرته. فقال الواثق: ما دعوتك إلا للمناظرة. فقال الشيخ: يا أحمد بن أبي دؤاد، إلى ما دعوت الناس ودعوتني إليه؟ فقال: إلى أن تقول. القرآن مخلوق؛ لأن كل شيء دون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مخلوق. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن تحفظ عليَّ ما أقول، وعليه ما يقول. قال: أفعل. فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن مقالتك هذِه، أواجبةٌ داخلة فى عقد الدين، فلا يكون الدين كاملًا حتى يقال فيه ما قلت؟ قال: نعم. قال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين بعثه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إلى عباده، هل أسر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا مما أمره اللَّه عَزَّ وَجَلَّ به في دينه؟ قال: لا. قال الشيخ: فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأمة إلى مقالتك هذِه؟ فسكت ابن أبي دؤاد، فقال الشيخ: تكلم. فسكت. فالتفت الشيخ إلى الواثق، فقال: يا أمير المؤمنين، واحدة. فقال الواثق: واحدة. فقال الشيخ: يا أحمد، أخبرني عن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حين أنزل القرآن على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] كان اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الصادق في إكمال دينه، أم أنت الصادق في نقصانه، فلا يكون الدين كاملًا حتى يقال فيه بمقالتك هذِه؟ فسكت ابن أبي دؤاد، فقال الشيخ: أجب يا أحمد، فلم يجبه. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، اثنتان. فقال الواثق: اثنتان. فقال الشيخ: أخبرني عن مقالتك هذِه، أعلمها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أم جهلها؟ فقال ابن أبي دؤاد: علمها. قال الشيخ: فدعا الناس إليها؟ فسكت ابن أبي دؤاد فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، ثلاث. فقال الواثق: ثلاث. =