وخرج إسحاق إلى العسكر، وقدّم ابنه محمد خليفة ببغداد، ولم يكن عند أبي عبد اللَّه ما يتحمل به وينفقه. فقال لي أبي -وكنت في تلك الأيام أختلف إلى السوق: إن عمك ليس عنده ما يتحمل به وينفقه وكانت عندي مائة درهم، فأتيت بها إليه فذهب بها إلى أبي عبد اللَّه. فقال له: يا أبا عبد اللَّه: هذِه الدراهم من عند أبي عليّ فتحمل بها، فأخذها أبو عبد اللَّه وأصلح بها ما احتاج، واكترى منه، وخرج ولم يلق محمد بن إسحاق -أي: ابن إبراهيم- أبيه بالعسكر، فحقدها إسحاق عليه [أي: على الإمام أحمد] مع ما قد تقدم منه، فيما كان جرى بينهما، في مسألته إياه عن القرآن، فقال إسحاق بن إبراهيم للمتوكل: يا أمير المؤمنين، إن أحمد بن حنبل خرج من بغداد، ولم يأت محمدا مولاك، ولم يسلم عليه.
فقال المتوكل: يُرَدُّ ولو وطأ بساطي.
وكان أبو عبد اللَّه قد بلغ بصرى، فوجه إليه رسولًا وقد بات ببصرى يأمره بالرجوع، فرجع أبو عبد اللَّه، وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا، وربما قرأ في منزلنا.