وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ قَدْ تَكَلَّمَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ تَكَلَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ أَيْضًا.
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ صَنَعَ فِي صَلَاتِهِ مِثْلَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي يَوْمِ ذِي الْيَدَيْنِ حِينَ كَلَّمَ النَّاسَ وَكَلَّمُوهُ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَصْنَعَ فِي ذَلِكَ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ، وَلَا يُخَالِفُ فِيمَنْ سَنَّ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا أَنْسَى لِأَسُنَّ»، فَقَدْ سَنَّ فَأَرَى أَنْ يَبْنِيَ هُوَ وَمَنْ كَلَّمَهُ عَلَى مَا صَلَّوْا، وَلَا يَنْبِذُوا صَلَاتَهُمْ، وَلَا يُخَالِفُوا مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الْإِمَامُ فَإِذَا تَكَلَّمَ وَهُوَ عِنْدَ نَفْسِهِ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ صَلَاتِهِ وَقَدْ أَكْمَلَهَا، فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ إِذَا أَكْمَلَهَا، وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ خَلْفَهُ فَإِنْ كَانُوا قَدْ عَلِمُوا أَنَّ إِمَامَهُمْ لَمْ يُكْمِلْ صَلَاتَهُ فَكَلَّمُوهُ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ صَلَاتِهِمْ، فَعَلَيْهِمُ الْإِعَادَةُ، لِأَنَّ حَالَهُمْ خِلَافُ حَالِ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَرَائِضَ قَدْ كَانَ يُزَادُ وَيُنْقَصُ مِنْهَا، وَيُنْقَلُونَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَالنَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُسْتَيْقِنًا أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ فِي الصَّلَاةِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ قَصُرَتْ، وَلَيْسَتِ الْحَالُ الْيَوْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ قَدْ تَنَاهَتْ، فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا وَرَسُولُ اللهِ ﷺ حَيُّ فِيهِمْ، قَدْ أَوْجَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute