للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَلَامًا مُجْتَمِعًا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ.

وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: إِحْدَاهُمَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إِنْ خَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَصَلِّي الْجُمُعَةَ، عَادَ فَخَطَبَ ثَانِيَةً، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْوَقْتُ أَعَادَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا.

وَقَالَ: فَإِنْ جَعَلَهَا خُطْبَتَيْنِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ، أَعَادَ خُطْبَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَلَّى أَرْبَعًا، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ أَنْ يَحْمَدَ اللهَ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ، وَيُوصِي بِتَقْوَى اللهِ، وَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَى، وَيَحْمَدُ اللهَ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ، وَيُوصِي بِتَقْوَى اللهِ وَيَدْعُو فِي الْآخِرَةِ.

وَالْقَوْلُ الْآخَرُ قَوْلُ النُّعْمَانِ: هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ إِنْ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِتَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا مَا قَالَ النُّعْمَانُ فَلَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَيْهِ، وَغَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللُّغَةِ بِأَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ قَدْ خَطَبَ، وَإِذَا كَانَ الْمَقُولُ هَذَا سَبِيلُهُ، فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِهِ، وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فَلَسْتُ أَجِدُ دَلَالَةً تُوجِبُ مَا قَالَ، وَقَدْ عَارِضَ الشَّافِعِيُّ غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ: يُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ: مِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتَ الْجِلْسَةَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فَرْضًا؟ أَبَطَلَتِ الْجُمُعَةُ بِتَرْكِهَا وَقَدْ أَتَى بِالْجُمُعَةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ، وَلَيْسَتِ الْجِلْسَةُ مِنَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةِ فَرْضُهَا رَكْعَتَانِ، كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ، وَالْخُطْبَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَالْجِلْسَةُ غَيْرُ هَذَا، وَلَوْ كَانَتِ الْجِلْسَةُ وَاجِبَةٌ لَمْ يُجِزْ أَنْ تَبْطُلَ الْجُمُعَةُ بِتَرْكِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ هَذَا، فَإِنِ اعْتَلَّ بِجُلُوسِ النَّبِيِّ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، فَالْفِعْلُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُ فَرْضًا، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ فَرْضٌ لَمْ يَدُلَّ عَلَى إِبْطَالِ الْجُمُعَةِ، وَيُقَالُ لَهُ: وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِلْسَةِ الْأُولَى وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ؟ فَإِنِ اعْتَلَّ بِأَنَّ الْجِلْسَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>