للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي، وَأَمَرَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَقِتَالِهِمْ لَهُمْ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦] الْآَيَةَ وَقَالَ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] الْآَيَةَ، وَقَالَ: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] الْآَيَةَ، فَأَمَرَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَقِتَالِهِمْ، وَنَهَى النَّبِيُّ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَفَرَّقَتِ السُّنَّةُ بَيْنَ مَنْ أَمَرَ اللهُ بِقَتْلِهِ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، فَجَعَلَتِ الْفَصْلَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْإِنْبَاتَ، قَالَ عَطِيَّةُ الْقُرَظِيُّ: عُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَشَكُّوا فِيَّ، هَلْ أَنْبَتُّ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «انْظُرُوا هَلْ أَنْبَتَ؟» فَلَمْ أَكُنْ أَنَبَتُّ فَخَلَّى عَنِّي وَأَلْحَقَنِي بِالسَّبْيِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالِاحْتِلَامُ وَالْإِنْبَاتُ وَاسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حَدٌّ لِلْبُلُوغِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِوُجُودِ أَيِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ كَانَ مَوْجُودَةٌ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ، وَفِي الْمَرْأَةِ خَصْلَةٌ رَابِعَةٌ تَجِبُ بِوُجُودِهَا فِيهَا عَلَيْهَا الْفَرَائِضُ وَهِيَ الْحَيْضٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ بِوُجُودِ الْحَيْضِ فِي الْمَرْأَةِ تَجُبُ الْفَرَائِضَ، وَمِمَّنْ أَدْرَكَ مِمَّنْ ذَكَرْتُ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ فَلَا فَرْضَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٩٧] الْآَيَةَ، وَبَيَّنَ اللهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَنْ لَا يَعْقِلُ ذَلِكَ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>