١٣٦٤ - حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ: «أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَجْهَرَانِ» وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ: اقْرَأْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي نَفْسِكَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: جَهْرُ الْإِمَامِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِدْعَةٌ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: خَمْسٌ يُخْفِيهُنَّ الْإِمَامُ، فَذَكَرَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ⦗١٢٩⦘ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ الْحَكَمِ قَوْلًا ثَالِثًا، وَهُوَ: إِنْ شَاءَ جَهَرَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَإِنْ شَاءَ أَخْفَاهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى الْجَهْرِ بِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيُخْفُونَهَا، هَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ. وَفِي قَوْلِ بَعْضِ مَنْ يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِهَا، وَلَا يَصِحُّ أَنَّهُمْ قَرَءُوهَا سِرًّا، فَلَا يُقْرَأُ بِهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا. وَفِي قَوْلِ مَنْ يَرَى الْجَهْرَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مَعْنَى قَوْلِهِ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَيْ يَفْتَتِحُونَ بِقِرَاءَةِ الْحَمْدُ، يَعْنِي بِقِرَاءَةِ سُورَةِ الْحَمْدُ، كَمَا يُقَالُ: افْتَتَحَ سُورَةَ الْبَقَرَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْمٌ لِلسُّورَةِ، لَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَثَبَتَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ جَهَرَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَانَ الْمُصَلِّي بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ جَهَرَ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَإِنْ شَاءَ أَخْفَاهَا، وَهَذَا مُوَافِقٌ مَذْهَبَ الْحَكَمِ وَإِسْحَاقَ، وَفِي هَذَا الْبَابِ حِجَجٌ قَدْ ذَكَرْتُهَا غَيْرَ هَذَا الْمَوْضِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute