قَالَ الشَّافِعِي: " فَإِن سَأَلَ من تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة أَن يُعْطِيهَا وَيجْرِي عَلَيْهِ الحكم على أَن يسكن الْحجاز، لم يكن ذَلِك لَهُ، والحجاز مَكَّة، وَالْمَدينَة، واليمامة، ومخاليفها كلهَا، لِأَن تَركهم بسكنى الْحجاز مَنْسُوخ، وَقد كَانَ رَسُول الله ﷺ اسْتثْنى على أهل خَيْبَر فَقَالَ: «أُقِرِّكم مَا أَقَرَّكم الله»، ثمَّ أَمر بإجلاهم، وَأحب أَن لَا يدْخل الْحجاز مُشْرك بِحَال لما وصفت من أَمر النَّبِي ﷺ، وَلَا يبين لي أَن يحرم أَن يمر ذمِّي بالحجاز مارا لَا يُقيم بِبَلَد مِنْهَا أَكثر من ثَلَاث لَيَال، وَذَلِكَ مقَام مُسَافر، لِأَنَّهُ قد يحْتَمل أَمر النَّبِي ﷺ بإجلائهم عَنْهَا، أَن لَا يسكنوها، وَيحْتَمل لَو ثَبت عَنهُ «لَا يبقين دينان بِأَرْض الْعَرَب»، لَا يبْقين دينان مقيمان، وَلَوْلَا أَن عمر ولي إِخْرَاج أهل الذِّمَّة لما ثَبت عِنْده من أَمر رَسُول الله ﷺ، وَأَن أَمر رَسُول اللَّهِ ﷺ مُحْتملا مَا رأى عمر بن الْخطاب من أَن أجل من قدم من أهل الذِّمَّة تَاجِرًا ثَلَاث، لَا يُقيم فِيهَا بعد ثَلَاث، لرأيت أَن لَا يصالحوا بِدُخُولِهَا بِكُل حَال.
وَقَالَ الشَّافِعِي: وَلَيْسَت الْيمن بحجاز، فَلَا يجليهم أحد من الْيمن، وَسَائِر الْبلدَانِ مَا خلا الْحجاز، فَلَا بَأْس أَن يصالحوا على الْمقَام بهَا، وَلَا يتَبَيَّن لي أَن يمنعوا ركُوب بَحر الْحجاز، وَيمْنَعُونَ الْمقَام فِي سواحله،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute