النَّبِي ﷺ بعد يَوْم حنين عمل بِهِ، فَكَانَ أَبُو بكر بعد رَسُول اللَّهِ ﷺ، ثمَّ عمر فَلم يبلغنَا أَنه صنع ذَلِك.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد عَارض الشَّافِعِي مَالِكًا فَقَالَ: أَرَأَيْت مَا روى عَن النَّبِي ﷺ مَنْ أَنه أعْطى من حضر أَرْبَعَة أَخْمَاس الْقِسْمَة، لَو قَالَ قَائِل هَذَا من النَّبِي ﷺ على الِاجْتِهَاد، هَل كَانَت الْحجَّة عَلَيْهِ إِلَّا أَن يُقَال: أَن إِعْطَاء النَّبِي ﷺ على الْعَام وَالْحكم حَتَّى تَأتي دلَالَة عَن النَّبِي ﷺ بِأَن قَوْله خَاص فنتبع، فَأَما أَن يتحكم متحكم فيدعي أَن قَول النَّبِي ﷺ أَحدهمَا حكم وَالْآخر اجْتِهَاد بِلَا دلَالَة، فَإِن جَازَ هَذَا خرجت السّنَن من أَيدي النَّاس، قَالَ: وَلَو لم يقلهُ النَّبِي ﷺ إِلَّا يَوْم حنين، أَو فِي آخر غزَاة غَزَاهَا، أَو أَولا، لَكَانَ أولى مَا أَخذ بِهِ.
وَحكى الشَّافِعِي عَن النُّعْمَان أَنه " قَالَ فِي الرجل يقتل الرجل وَيَأْخُذ سلبه: لَا يَنْبَغِي للْإِمَام أَن ينفلهُ إِيَّاه لِأَنَّهُ صَار فِي الْغَنِيمَة، وَقَالَ يَعْقُوب: حَدثنَا النُّعْمَان عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ: إِذا نفل الإِمَام أَصْحَابه فَقَالَ: من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وَمن أسر أَسِيرًا فَلهُ سلبه فَهُوَ مُسْتَقِيم جَائِز وَهَذَا النَّفْل، وَأما إِذا لم ينفل الإِمَام شَيْئا من هَذَا فَلَا نفل لأحدٍ دون أحد وَالْغنيمَة كلهَا من جَمِيع الْجند على مَا وَقعت عَلَيْهِ المقاسم، وَهَذَا أوضح وَأبين من أَن يشك فِيهِ أحد من أهل الْعلم ".
قَالَ أَبُو بكر: هَذَا أوضح فِي بَاب الْخَطَأ وَأبين من أَن يشك فِيهِ أحد لَهُ معرفَة بأخبار رَسُول الله ﷺ، وَقد ذكرنَا الْأَخْبَار فِي هَذَا الْبَاب فِيمَا مضى، وَالنَّبِيّ ﷺ حجَّة الله على الْأَوَّلين والآخرين من خلقه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute