للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ، وَلَا عَدَلَ عَنِ الْقَوْلِ بِمَا يُثَبِّتُ بِهِ الْأَخْبَارَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ جُمْلَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، إِلَّا النُّعْمَانَ فَإِنَّهُ خَالَفَ كُلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَالَ: لَا يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ إِلَّا سَهْمًا وَاحِدًا، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فَبَقِيَ قَوْلُهُ مَهْجُورًا مُخَالِفًا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ، وَعَنْ مَنْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا مَا حَكَى أَبُو يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُفَضِّلُ بَهِيمَةً عَلَى مُسْلِمٍ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ يَكُونُ مَحْجُوجًا بِخِلَافِهِ، كَانَ قَوْلُهُ: لَا أُفَضِّلُ بَهِيمَةً عَلَى مُسْلِمٍ خَطَأً مِنْ جِهَتَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ إِنَّمَا أُعْطِيَ بِسَبَبِ الْفَرَسِ سَهْمَيْنِ كَانَ مُفَضِّلًا لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا يُعْطِي الْمُسْلِمَ سَهْمًا انْبَغَى لَهُ أَنْ لَا يُسَوِّيَ الْبَهِيمَةَ بِالْمُسْلِمِ، وَلَا يُقَرِّبَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا كَلَامًا عَرَبِيًّا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُعْطِيَ الْفَارِسَ سَهْمًا لَهُ، وَسَهْمَانِ بِسَبَبِ فَرَسِهِ، لِأَنَّ اللهَ نَدَبَ إِلَى اتِّخَاذِ الْخَيْلِ، فَقَالَ: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ [الأنفال: ٦٠] الْآيَةَ، وَأَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللهِ كَمَا وَصَفْنَا، فَإِنَّمَا سَهْمَا الْفَرَسِ لِرَاكِبِهِ لَا لِلْفَرَسِ، وَالْفَرَسُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، إِنَّمَا يَمْلِكُهُ فَارِسُهُ بِغِذَاءِ الْفَرَسِ، وَالْمُؤْتَةِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَمَا مَلَّكَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ .

<<  <  ج: ص:  >  >>