للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ مَعَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ مِمَّا يُدْرِكُ بِهِ مِنَ الصَّوَابِ، قَدْ أُمِرَ بِذَلِكَ، فَمَنْ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمْ بِرَأْيٍ دُونَ أَصْحَابِهِ، لِأَنَّ الصَّوَابَ رُبَّمَا أَجْرَاهُ اللهُ عَلَى لِسَانِ مَنْ دُونَ الْإِمَامِ فِي الْعِلْمِ، وَالرَّأْيِ، يُقَالُ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُشَاوِرُ حَتَّى الْمَرْأَةِ.

وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَشُورَةَ لَا تُؤَدِّي إِلَّا إِلَى خَيْرٍ، وَعَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ بَعْدَ أَنْ يُشَاوِرَ أَصْحَابَهُ أَعْذَرُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْتَبِدِّ بِرَأْيِهِ دُونَهُمْ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ يَجِبُ قَبُولُهُ مِمَّنْ أَشَارَ بِهِ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً، لِأَنَّ النَّبِيَّ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا»، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ، دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟، اخْرُجْ، ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَقَامَ فَخَرَجَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ "، فَذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْإِمْرَةِ، لِأَنَّ بَعْضَ الْمُلُوكِ لَمَّا تُوُفِّيَ وَلَّوْا أَمَرَهُمُ امْرَأَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ " عَلَى مَعْنَى الْإِمْرَةِ لَا عَلَى مَعْنَى الْمَشُورَةِ.

٦٦٨٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ، وَأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ، وَلَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ بَعْدَ مَشُورَةٍ»

<<  <  ج: ص:  >  >>