للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْهَا فَالْهُدْنَةُ مُنْتَقِضَةٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فَرْضُ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ أَهْلَ الْجِزْيَةِ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ صَالَحَ الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الْجِزْيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُسْلِمِينَ كُلَّ سَنَةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا، عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَهُمْ، لَمْ نَعْمَدْ مُصَالَحَتَهُمْ، قَدْ صَالَحَ رَسُولُ اللهِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى غَيْرِ خَرَاجٍ يُؤَدُّنَهُ إِلَيْهِ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، أَهْلُ حِصْنٍ، وَأَهْلُ مَدِينَةٍ، أَوْ أَهْلُ عَسْكَرٍ، أَوْ أَهْلُ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ سَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَادِعُوهُمْ سِنِينَ مَعْلُومَةً، عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَهُمْ، وَعَلَى أَنْ لَا تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَخَشِيَ الْمُسْلِمُونَ إِنْ لَمْ يُوَادِعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يَقْوَوْا عَلَيْهِمْ وَادَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ وَادَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ لَهُمْ قُوَّةً، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَنْبُذُوا إِلَيْهِمْ، ثُمَّ يُقَاتِلُوهُمْ.

وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ نَقَضُوهُ الْعَامَ الرَّابِعَ لِلْحُدَيْبِيَةِ، حَكَى ابْنُ حِزَامٍ هَذَا الْقَوْلَ، قَالَ: قِيلَ لِي ذَلِكَ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا سَأَلَ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُهَادَنَةً، فَلِلْإِمَامِ عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ مُهَادَنَتُهُمْ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ، لَيْسَ لَهُ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى النَّظَرِ عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لِقَوْلِ اللهِ ﷿: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ١] الْآيَةَ، فَلَمْ يُجِزْ أَنْ يَسْتَأْنِفَ مُدَّةً بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَبِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لِمَا وَصَفْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>