اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ» وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلَاثًا» دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأَخْبَارُ رَسُولِ اللهِ ﷺ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيَدُلُّ بَعْضُهَا عَلَى مَعْنَى بَعْضٍ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاسْتِنْجَاءِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إِذْ لَمْ يَعْدُ الْأَذَى مَخْرَجَهُ، فَإِنْ عَدَا الْمَخْرَجَ فَفِيهِ خِلَافٌ.
قَالَ طَائِفَةٌ: إِذَا عَدَا الْأَذَى الْمَخْرَجَ لَمْ يَجُزْ إِلَّا الْغُسْلُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.
وَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا انْتَشَرَ الْبَوْلُ عَلَى الْحَشَفَةِ فَاغْسِلْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ فَلَا بَأْسَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ غَيْرَ الْمَخْرَجِ، وَمَا لَا بُدَّ لَهُ مِمَّا قَارَبَ ذَلِكَ، رَأَيْتُ أَنْ يَغْسِلَهُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.
وَقَالَ قَائِلٌ: فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّ مَا أَصَابَ مِنْهُ غَيْرُ مَوْضِعِهِ لَا يَجْزِيهِ إِلَّا الْمَاءُ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: إِنَّ كُلَّ مَا أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ يَجْزِي، وَلَيْسَ مَعَ مَنْ مَنَعَ إِزَالَتَهُ بِغَيْرِ الْمَاءِ حُجَّةٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلٌ قَلَّ مَنْ يَقُولُهُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الَّذِي أُزِيلَ بِهِ الدَّمُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ جُرِحَ بِأُحُدٍ الْمَاءُ، وَقَدِ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِغَسْلِ دَمِ الْحَيْضَةِ وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ تَزُولُ بِالْمَاءِ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِزَالَتِهَا بِغَيْرِ الْمَاءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute