للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَرْضِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ مَنَعَهُ قَوْلُهُ لَا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْآخَرِ، فَإِمَّا أَنْ يَجْعَلَ مَا لَمْ يَثْبُتْ فَرْضُهُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِهِ، أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ، فَغَيْرُ جَائِزكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٌ لَا يَرَوْنَهُ فَرْضًا، قَالُوا: بَلْ هُوَ تَطَوُّعٌ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ.

وَأَمَّا تَقْدِيمُ جَمْرَةٍ عَلَى جَمْرَةٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَرَمَى قَبْلَ الْجَمْرَتَيْنِ، ثُمَّ رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ بَعْدَهَا أَجْزَأَهُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ فِي رَجُلٍ رَمَى جَمْرَةً قَبْلَ الْأُخْرَى لَا يُعِيدُ رَمْيَهَا، وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِأَصْلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا كَانَ مِنْ نَوْعِهِ، وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ لَا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ أَنْ يَجْعَلَ مَسَائِلَ الْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى مَسَائِلِ الْمَنَاسِكِ، فَكَيْفَ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ فِيهِ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ غَسْلَ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَرِجْلَيْهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّ فُلَانًا غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ أَنَّهُ صَادِقٌ، قَالَ: وَلَوْ أَنَّ إِمَامًا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَدْعُوَ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، فَبَدَأَ بِعَمْرٍو فَدَعَاهُ، ثُمَّ دَعَا زَيْدًا أَنَّهُ غَيْرُ عَاصٍ، وَقَدْ بَدَأَ رَسُولُ اللهِ بِغَسْلِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ بَدَأَ بِالْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ.

وَغَيْرُ جَائِزٍ إِذْ سَهَا الْمَرْءُ فَقَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ سَاهِيًا أَنْ يَبْطُلَ عَمَلُهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَقَدْ رُفِعَ السَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ عَنْ بَنِي آدَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِمْ مِنْ ذَلِكَ تَرْكُ إِبْطَالِ صَوْمِ مَنْ أَكَلَ فِيهِ نَاسِيًا وَصَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا، وَهُوَ سَاهٍ، فَكَانَ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ لَا يُرَى عَلَى مَنْ قَدَّمَ عُضْوًا عَلَى عُضْوٍ شَيْئًا مَنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>