ذَلِكَ طَهُورًا لِمَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ وَلِلْخِفَافِ وَالنِّعَالِ فَإِنَّ طَهَارَةَ مَا يُصِيبُهَا مَسْحُهَا بِالتُّرَابِ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا.
فَأَمَّا سَائِرُ النَّجَاسَاتِ فَلَا تَطْهُرُ إِلَّا بِالْمَاءِ وَمِنْ حَيْثُ وَجَبَ أَنْ نَجْعَلَ الْأَحْجَارَ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ مُطَهِّرَةً لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَجِبُ كَذَلِكَ أَنْ نَجْعَلَ طَهَارَةَ الْخِفَافِ وَالنِّعَالِ مَسْحَهَا بِالتُّرَابِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَوْ يَكُونُ سَائِرُ الْأَنْجَاسِ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: النَّجَاسَاتُ كُلُّهَا تَطْهُرُ بِالْمَاءِ لَا تَطْهُرُ بِغَيْرِهِ كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي الْبَوْلِ فِي النَّعْلِ وَالثَّوْبِ سَوَاءٌ وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْخُفِّ يُصِيبُهُ الرَّوْثُ أَوِ الْعَذِرَةُ أَوِ الدَّمُ أَوِ الْمَنِيُّ فَيَبِسَ فَحَكَّهُ قَالَ: يُجْزِيهِ وَإِنْ كَانَ رَطْبًا لَمْ يُجِزْهُ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَالثَّوْبُ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَإِنْ يَبِسَ إِلَّا فِي الْمَنِيِّ خَاصَّةً. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُجْزِيهِ فِي الْيَبْسِ أَيْضًا حَتَّى يَغْسِلَ مَوْضِعَهُ فِي الْخُفِّ وَغَيْرِهِ إِلَّا فِي الْمَنِيِّ خَاصَّةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْخُفِّ يُصِيبُهُ الْبَوْلُ: لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَإِنْ يَبِسَ.
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي الثَّوْبِ يُصِيبُهُ الْعَذِرَةُ أَوِ الدَّمُ فَيَحِتُّهُ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ رَوْثُ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ مِثْلُ الْعَذِرَةِ فَإِنْ أَصَابَ النَّعْلَ أَوِ الْخُفَّ الدَّمُ أَوِ الْعَذِرَةُ أَوِ الرَّوْثُ فَجَفَّ فَمَسَحَهُ الرَّجُلُ بِالْأَرْضِ يُجْزِيهِ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَمِنْ أَيْنَ اخْتَلَفَ النَّعْلُ وَالثَّوْبُ؟ قَالَ: لِأَنَّ النَّعْلَ جِلْدٌ فَإِذَا مَسَحَهُ بِالْأَرْضِ ذَهَبَ الْقَذَرُ مِنْهُ وَالثَّوْبُ لَيْسَ هَكَذَا لِأَنَّ الثَّوْبَ يُنَشِّفُهُ فَيَبْقَى فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute