عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَجَاءَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ، فَأَبَحْنَا ذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ خَبَرًا يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ الْمَيْتَةِ فَبَقِيَتْ جُلُودُ السِّبَاعِ مُحَرَّمَةً بِالتَّحْرِيمِ الْعَامِّ.
وَحُجَّةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي تَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَأَنَّهَا نَجَسَةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ فَلَا يَحِلُّ مَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ إِلَّا بِخَبَرٍ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ لَا مُعَارِضَ لَهُ، أَوْ إِجماعٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ مَوْجُودٌ ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَلَا يُزِيلُ إِجْمَاعَهُمْ إِلَّا إِجْمَاعُ مِثْلِهِ.
وَحُجَّةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَرَاهِيَةِ الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ الْخِنْزِيرِ، وَالْخِنْزِيرُ سَبُعٌ، قَالَ: فَجَعَلْنَا سَائِرَ السِّبَاعِ قِيَاسًا عَلَيْهِ إِذْ لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يَمْنَعُ مِنَ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ بَلْ مَوْجُودٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ.
وَحُجَّةٌ رَابِعَةٌ: وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ عَامٌّ وَاقِعٌ عَلَى اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ جَمِيعًا لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِخَبَرٍ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ..
وَحُجَّةٌ خَامِسَةٌ: وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ أَكَلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَخَصَّ الْأَكْلَ قِيلَ لَهُ فَنَحْنُ نَنْهَى عَنْ أَكْلِهَا وَنَنْهَى عَنْهَا جُمْلَةً كَمَا نَهَى النَّبِيُّ ﷺ، وَنَنْهَى عَنِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِهَا كَمَا نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ لِتُسْتَعْمَلَ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا كَالْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَفِي بَعْضِهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: " لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، فَالْقَوْلُ بِهَا كُلِّهَا يَجِبُ، كَذَلِكَ الْقَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute