للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَتَبَتْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كِتَابًا فَإِذَا فِي الْكِتَابِ: إِنِّي امْرَأَةٌ أَصَابَنِي بَلَاءٌ وَضُرٌّ وَإِنِّي أَدَعُ الصَّلَاةَ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ وَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي أَنْ أَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلَّ صَلَاةٍ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللهُمَّ لَا أَجِدُ لَهَا إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ غَيْرَ أَنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلًا وَاحِدًا وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يُعْجِبُهُ هَذَا الْقَوْلُ فَإِنْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لَا تَقْوَى عَلَى ذَلِكَ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ، وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا أَنْ يُصِيبَهَا حَدَثٌ تُعِيدُ وُضُوءَهَا مِنْ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْبَارٍ يُوَافِقُ كُلُّ خَبَرٍ مِنْهَا قَوْلًا مِنْ هَذِهِ ⦗١٦٤⦘ الْأَقَاوِيلِ غَيْرَ قَوْلِ رَبِيعَةَ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي أَسَانِيدِهَا. وَالنَّظَرُ دَالٌّ عَلَى مَا قَالَ رَبِيعَةُ إِلَّا أَنَّهُ قَوْلٌ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا قُلْتُ النَّظَرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّمِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْمُسْتَحَاضَةِ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَالَّذِي يَخْرُجُ فِي أَضْعَافِ الْوُضُوءِ، وَالدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِأَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ إِنْ كَانَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَقَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَابْتَدَأَتَّ الْمُسْتَحَاضَةُ فِي الْوُضُوءِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ بَعْدَ غَسْلِهَا بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَجَبَ أَنْ يُنْتَقَضَ مَا غَسَلَتْ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الدَّمَ الَّذِي يُوجِبُ الطَّهَارَةَ فِي قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ الطَّهَارَةَ قَائِمٌ وَإِنْ كَانَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا بَيْنَ أَضْعَافِ الْوُضُوءِ، وَمَا خَرَجَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ الصَّلَاةَ وَمَا حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ مِنْهُ لَا يَنْقُضُ طَهَارَةً وَجَبَ كَذَلِكَ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنَ الصَّلَاةِ لَا يَنْقُضُ طَهَارَةً إِلَّا بِحَدَثٍ غَيْرَ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ هَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّظَرُ. وَمَعَ أَنَّا قَدْ رُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ لِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَرْدُ يُؤْذِيهِ فَإِذَا أَذَاهُ قَالَ: رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ الضِّيقُ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ. وَقَدْ زَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي الْجُرْحِ السَّايِلِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ لَا تَتَوَضَّأَ قَالَ: وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِلْأَثَرِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْمُخْتَصَرِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ هَذَا الْكِتَابَ مِنْهُ الْآثَارَ الَّتِي رُوِيَتْ فِي هَذَا الْبَابِ وَعِلَلَهَا فَمَنْ أَرَادَ أَخْذَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>