قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالنُّعْمَانِ، وَيَعْقُوبَ، وَمُحَمَّدٍ، ثُمَّ رَجَعَ يَعْقُوبُ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلْفَجْرِ خَاصَّةً قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْآخَرُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، قَالَتْ: وَالْأَذَانُ مَعْنَاهُ إِعْلَامٌ بِدُخُولِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَدُعَاءٌ إِلَيْهَا، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهَا وَيُؤْمَرَ بِحُضُورِهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمُ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ، وَالْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَتِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ الْأَخْبَارُ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ النَّاقُوسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا جُعِلَ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا، وَوَجَبَ فَرْضُهَا، وَحُجَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْأَرْبَعِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ الْخَامِسَةُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَقَالُوا: وَنَحْنُ نَقُولُ بِالْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ أَذَانِ بِلَالٍ بِلَيْلٍ، وَإِذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ مُؤَذِّنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِيَتَنَبَّهُ النَّائِمُ بِأَذَانِهِ وَيَرْجِعَ الْقَائِمُ فَيَسْتَعِدَّانِ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُؤَذِّنُ الْآخَرُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَكُونُ أَذَانُهُ دُعَاءً إِلَى الصَّلَاةِ، وَإِعْلَامًا بِأَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا لِيَشْهَدَهَا النَّاسُ، وَفِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ بَيَانُ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا كَانَ أَذَانُ بِلَالٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ بَاقِيَ حُجَجِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَعَلَّ أَذَانَهُ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، حَيْثُ كَانَ يُؤَذِّنُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ أَذَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَذَانُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute