للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٩ - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، ثنا الْأَصْبَهَانِيِّ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا يَرَى أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ مِنَ الْقَطْرَةِ وَالْقَطْرَتَيْنِ، قَالَ: لَا يُعِيدُ إِلَّا أَنْ يَبُولَ أَوْ يَضْرِطَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَعْنِي حَدِيثَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ قَلِيلٌ فَلَا إِعَادَةَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَصَرَ بَثْرَةً كَانَتْ بِجَبْهَتِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ وَقَيْحٌ فَمَسَحَهَا وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الدَّمِ مَا سَالَ مِنَ الْجُرْحِ أَوْ كَانَ فِي الثَّوْبِ فَقَالَ سَوَاءٌ، أَيْ حَتَّى تَفَحَّشَ فِي خُرُوجِهِ مِنَ الْجُرْحِ، وَفِيمَا يَكُونُ فِي الثَّوْبِ مِنْهُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَصَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فَمَسَحَهُ وَصَلَّى وَلَمْ ⦗١٧٤⦘ يَتَوَضَّأْ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ فَاحِشًا أَعَادَ. وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُوجِبُ عَلَى الرَّاعِفِ وَالْمُحْتَجِمِ وَعَلَى مَنْ خَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ دَمٌ الْوُضُوءَ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِيجَابَهِ الْوُضُوءَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ وَقَدِ اتَّفَقَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ. قَالَ: فَجَعَلْنَا سَائِرَ الدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنَ الْجَسَدِ قِيَاسًا عَلَى دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، احْتَجَّ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ يَعْقُوبُ وَابْنُ الْحَسَنِ. وَاحْتَجَّ غَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفَرَائِضَ إِنَّمَا تَجِبُ بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَلَيْسَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةٌ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا بَلْ قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَطَهَّرَ طَاهِرٌ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي نَقْضِ طَهَارَتِهِ بَعْدَ حُدُوثِ الرُّعَافِ وَالْحِجَامَةِ وَخُرُوجِ الدِّمَاءِ مِنْ غَيْرِ الْقَرْحِ وَالْقَيْءِ وَالْقَلْسِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: انْتُقِضَتْ طَهَارَتُهُ، وَقَالَ آخَرُونَ لَمْ تُنْقَضْ قَالَ: فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تُنْقَضَ طَهَارَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِجْمَاعِ مِثْلِهِ أَوْ خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مُعَارِضَ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَبَّهَ مَا يَخْرُجُ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ بِمَا يَخْرُجُ مِنَ الْقُبُلِ أَوِ الدُّبُرِ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ رِيحٍ تَخْرُجُ مِنَ الدُّبُرِ وَبَيْنَ الْجُشَاءِ الْمُتَغَيِّرُ يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ الرِّيحُ الْخَارِجُ مِنَ الدُّبُرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجُشَاءَ لَا وُضُوءَ فِيهِ، فَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْحَدَثِ وَبَيْنَ مَا يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِ الْحَدَثِ أَبْيَنُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَاسَ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجِ الْحَدَثِ. مَعَ أَنَّ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الدُّودَةِ تَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْحَدَثِ وَبَيْنَ الدُّودَةِ تَسْقُطُ مِنَ الْجُرْحِ فَيُوجِبُ الْوُضُوءَ فِي الدُّودَةِ الْخَارِجَةِ مِنَ ⦗١٧٥⦘ الدُّبُرِ وَلَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنَ الدُّودَةِ السَّاقِطَةِ مِنَ الْجُرْحِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدُّودَتَيْنِ وَبَيْنَ الدَّمَيْنِ الْخَارِجِ أَحَدُهُمَا مِنْ مَخْرَجِ الْحَدَثِ وَالْآخَرُ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِ الْحَدَثِ، وَيَدْخُلُ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ شَيْءٌ آخَرُ زَعَمُوا أَنَّ بِظُهُورِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ يَجِبُ الْوُضُوءُ وَتَرَكُوا أَنْ يُوجِبُوا الْوُضُوءَ مِنَ الدَّمِ يَخْرُجُ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ حَتَّى يَسِيلَ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُحْكَمَ لِأَحَدِهِمَا بِحُكْمِ الْآخَرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي أَحَدِهِمَا كَالْجَوَابِ فِي الْآخَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ وُجُوبُ الطَّهَارَاتِ مِنْ أَبْوَابِ النَّجَاسَاتِ بِسَبِيلٍ وَلَكِنَّهَا عِبَادَاتٌ قَدْ يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ الرِّيحِ مِنْ دُبُرِهِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ غَسْلُ الْأَطْرَافِ وَالْمَسْحُ بِالرَّأْسِ وَتَرْكُ أَنْ يَمَسَّ مَوْضِعَ الْحَدَثِ بِمَاءٍ أَوْ حِجَارَةٍ، وَقَدْ يَجِبُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَهُوَ طَاهِرٌ غَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَيَجِبُ بِخُرُوجِ الْبَوْلِ غَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالْبَوْلُ نَجِسٌ وَيَجِبُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ الِاغْتِسَالُ وَكُلُّ ذَلِكَ عِبَادَاتٌ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الطَّهَارَاتِ إِنَّمَا تَجِبُ لِنَجَاسَةٍ تَخْرُجُ فَنَجْعَلُ النَّجَاسَاتِ قِيَاسًا عَلَيْهَا بَلْ هِيَ عِبَادَاتٌ لَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الْأَسَانِيدِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ وَسَلْمَانَ وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَلَهَا مَعَ حُجَجٍ تَدْخُلُ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الَّذِي أَوْجَبُوا مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ الْوُضُوءَ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بِظُهُورِ الدَّمِ حَتَّى يَسِيلَ، هَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ الْكُوفِيُّ إِلَّا أَنَّ حَمَّادًا قَالَ: لَا وُضُوءَ ⦗١٧٦⦘ فِيهِ حَتَّى يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الدُّمَّلِ وَالْقَرْحِ يَخْرُجُ مِنْهُ الدَّمُ. قَالَ: إِذَا كَانَ قَلِيلًا لَمْ يَسِلْ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الرَّجُلِ يُدْخِلُ إِصْبَعَهُ فِي أَنْفِهِ فَيَخْرُجُ عَلَيْهِ دَمٌ قَالَ: مَا لَمْ يَكُنْ سَائِلًا فَلَا بَأْسَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي الْخَدْشِ يَظْهَرُ مِنْهُ الدَّمُ لَا يَتَوَضَّأُ حَتَّى يَسِيلَ، وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: يَتَوَضَّأُ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>