يُجِزْهُ، وَيُجْزِيهِ تَغْطِيَتُهَا، إِلَّا أَنَّ اسْمَ السُّجُودِ وَاقِعًا عَلَيْهَا، وَإِنْ حَالَ دُونَهُمَا حَائِلٌ، وَكُلَّمَا لَمْ يَضَعْ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ عُضْوًا عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِيقَاعِهِ لَمْ يُجِزْهُ. إِلَّا مَا بَيَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الزِّحَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ، إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْبُرْنُسِ، وَلَا يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَدْرَكْتُ الْقَوْمَ يَسْجُدُونَ عَلَى عَمَائِمِهِمْ، وَيَسْجُدُ أَحَدُهُمْ وَيَدَاهُ فِي قَمِيصِهِ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِي الْبَرَانِسِ وَالطَّيَالِسَةِ: رَأَيْتُهُمْ يُصَلُّونَ فِيهَا، وَلَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَأُحِبُّ أَنْ يُبَاشِرَ بِرَاحَتَيْهِ الْأَرْضَ فِي الْبَرْدِ وَالْحَرِّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَتَرَهُمَا مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ: وَفِي هَذَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْجُدَ عَلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ الَّتِي أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ إِذَا سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ، أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا، دُونَ مَا سِوَاهَا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِالسُّجُودِ قَصْدَ الْوَجْهِ تَعَبُّدًا لِلَّهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ»، وَأَنَّهُ أُمِرَ بِكَشْفِ الْوَجْهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِكَشْفِ رُكْبَةٍ وَلَا قَدَمٍ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَسْجُدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَهُمَا مَسْتُورَانِ بِالثِّيَابِ، وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ وَقَدَمَاهُ فِي الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ، فَهَذِهِ أَعْضَاءُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " أُمِرْتُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute