كَلَامُ أَصْحَابِنَا وَمُرَادُهُمْ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَلَدِ إلَّا مِيقَاتٌ وَاحِدٌ جَازَ.
فَعَلَى قَوْلِهِ: يَقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ النُّسُكِ وَانْفِسَاخُهَا بِتَأْخِيرٍ، وَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ، فَإِنْ قَدِمَ فَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ لِمَصْلَحَتِهِ، وَعَدَمُهُ لِعَدَمِهَا، وَإِلَّا فَاحْتِمَالَانِ، أَظْهَرُهُمَا: يَجُوزُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: يَجُوزُ، وَأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا. وَيَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ، وَلَوْ أُحْصِرَ، أَوْ ضَلَّ أَوْ تَلِفَ مَا أَخَذَهُ، فَرَّطَ أَوْ لَا، وَلَا يَحْتَسِبُ لَهُ بِشَيْءٍ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: وَلَا يَضْمَنُ بِلَا تَفْرِيطٍ. وَالدِّمَاءُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَفْسَدَهُ كَفَّرَ، وَمَضَى فِيهِ وَقَضَاهُ، وَتُحْسَبُ أُجْرَةُ مُسَافِرٍ قَبْلَ إحْرَامِهِ، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لَا. وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِسْطُ مَا سَارَهُ، لَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ. خِلَافًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ رُكْنٍ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْبَاقِي، وَمَنْ ضَمِنَ الْحَجَّةَ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ: فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ كَمَا سَبَقَ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مِيقَاتٍ فَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا، وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ: اُحْتُسِبَ مِنْهُ إلَى مَوْتِهِ، وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْ مَيِّتٍ، فَهَلْ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمَيِّتِ، يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، قُلْت: الْأَوْلَى الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، فَهُوَ كَالشَّرِيكِ، وَالْمُضَارِبِ، وَالصَّحِيحُ: جَوَازُ الْإِقَالَةِ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الشَّرِكَةِ، وَعَلَى الثَّانِي: يُعَايَى بِهَا.
وَمَنْ أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَرُدُّ كُلَّ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَنَصِّ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: إنْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مِيقَاتٍ فَلَا، وَمِنْ مَكَّةَ: يَرُدُّ مِنْ النَّفَقَةِ مَا بَيْنَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute