وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِفِعْلِ ذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ " فَمَتَى فَعَلَ كَذَا كَذَا، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ اسْتَظَلَّ بِالْمَحْمَلِ: فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ". فَسِيَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ مُنَجَّى، وَفِيهَا رِوَايَاتٌ. إحْدَاهَا: لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِفِعْلِ ذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَظْهَرُ. قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَلَا يَسْتَظِلُّ بِمَحْمَلٍ فِي رِوَايَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَا عَلَيْهِ فِي الْخُطْبَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِفِعْلِ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْإِفَادَاتِ، وَتَذْكِرَةُ ابْنِ عَقِيلٍ، وَعُقُودُ ابْنِ الْبَنَّا، وَالْإِيضَاحُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ. وَالْمُبْهِجِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: إنْ كَثُرَ الِاسْتِظْلَالُ: وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.
تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي مَحَلِّ الرِّوَايَتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ: فَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَالْمُصَنِّفِ فِي الْكَافِي، وَالْمَجْدِ، وَالشَّارِحِ، وَابْنِ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: أَنَّهُمَا مَبْنِيَّتَانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِظْلَالِ وَعَدَمِهِ. فَإِنْ قُلْنَا يَحْرُمُ: وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَلَا. وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ حَمْدَانَ، وَعِنْدَ الْقَاضِي، وَصَاحِبِ الْمُبْهِجِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُمَا مَبْنِيَّتَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ فِي الِاسْتِظْلَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute