قُلْت: مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالْجَوَازُ أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ، وَالتَّصْحِيحِ، وَتَمَامِ أَبِي الْحُسَيْنِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَغَيْرِهِمَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِتَغْطِيَتِهِ. نَقَلَهَا الْأَكْثَرُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُبْهِجِ.
قَوْلُهُ (الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطِ وَالْخُفَّيْنِ، إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ إزَارًا. فَيَلْبَسَ سَرَاوِيلَ، أَوْ نَعْلَيْنِ، فَيَلْبَسَ خُفَّيْنِ. وَلَا يَقْطَعَهُمَا، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَعَنْهُ إنْ لَمْ يَقْطَعْ الْخُفَّيْنِ إلَى دُونِ الْكَعْبَيْنِ: فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْعَجَبُ مِنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي هَذَا يَعْنِي فِي قَوْلِهِ " بِعَدَمِ الْقَطْعِ " فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يُخَالِفُ سُنَّةً تَبْلُغُهُ، وَقُلْت: سُنَّةً لَمْ تَبْلُغْهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قُلْت: وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ الْخَطَّابِيِّ فِي تَوَهُّمِهِ عَنْ أَحْمَدَ مُخَالَفَةَ السُّنَّةِ، أَوْ خَفَائِهَا. وَقَدْ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: احْتَجَجْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقُلْت: هُوَ زِيَادَةٌ فِي الْخَبَرِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ، وَذَاكَ حَدِيثٌ، فَقَدْ اطَّلَعَ عَلَى السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا نَظَرَ نَظَرًا لَا يَنْظُرُهُ إلَّا الْفُقَهَاءُ الْمُتَبَصِّرُونَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى غَايَتِهِ فِي الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute