وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. صَحَّحَهَا فِي التَّلْخِيصِ، وَالتَّرْغِيبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: إذَا طَرَحَ الْقَبَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ، وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَجْهًا وَاحِدًا. وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ: فَفِي الْفِدْيَةِ وَجْهَانِ. قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ سَهَا، وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: إنْ أَدْخَلَ إحْدَى يَدَيْهِ فَدَى.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَيَتَقَلَّدَ بِالسَّيْفِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ) أَنَّهُ لَا يَتَقَلَّدُ بِهِ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَعَنْهُ يَتَقَلَّدُ بِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ حَمْلَ السِّلَاحِ فِيهَا لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ. نَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يَتَقَلَّدُ بِمَكَّةَ إلَّا لِخَوْفٍ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى اللُّبْسِ عِنْدَهُ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَالْقِيَاسُ إبَاحَتُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَلْبُوسِ الْمَنْصُوصِ عَلَى تَحْرِيمِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُبَاحُ عِنْدَهُ فِي الْحَرَمِ. انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَا أَرَادَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ جَوَازَ التَّقَلُّدِ بِهِ لِلْمُحْرِمِ، مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فِي الْجُمْلَةِ. أَمَّا الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ فِي مَكَّةَ: فَلَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا، وَكَذَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَكَذَا الرِّوَايَةُ.
فَائِدَةٌ: الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ، أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ لِلشَّكِّ، وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ: فَدَى؛ لِأَنَّهُ إمَّا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ. قَدَّمَهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute