قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَنَصَّ أَبُو الْخَطَّابِ فِي تَعْلِيقِهِ: أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَمْلِكُونَ مَالَ مُسْلِمٍ بِالْقَهْرِ. وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَحَتَّى لَوْ كَانَ مَقْسُومًا، وَمِنْ الْعَدُوِّ إذَا أَسْلَمَ. وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ أَحْمَدَ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْمِلْكِ، وَلَا عَلَى عَدَمِهِ. وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى أَحْكَامٍ أُخِذَ مِنْهَا ذَلِكَ.
قَالَ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا إلَّا مِلْكًا مُقَيَّدًا لَا يُسَاوِي أَمْلَاك الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. انْتَهَى.
وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُونَهَا حَتَّى يَحُوزُوهَا إلَى دَارِهِمْ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُنَّ الشَّارِحُ.
قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَإِذَا قُلْنَا يَمْلِكُونَ. فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحُوزُوهُ بِدَارِهِمْ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ.
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَ: وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا بِمُجَرَّدِ اسْتِيلَائِهِمْ، بَلْ بِالْحِيَازَةِ إلَى دَارِهِمْ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ بِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ.
وَبَنَى ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ مِلْكَهُمْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُمْ: هَلْ هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا: هُمْ مُخَاطَبُونَ: لَمْ يَمْلِكُوهَا، وَإِلَّا مَلَكُوهَا.
وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ الْقَاضِي: أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ.
وَأَيْضًا: إنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مِلْكِ الْكُفَّارِ وَعَدَمِهِ أَمْوَالَنَا فِي أَهْلِ الْحَرْبِ. أَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ: فَلَا يَمْلِكُونَهَا بِلَا خِلَافٍ، وَالْخِلَافُ فِي تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ عَامٌّ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَهْلِ الْحَرْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute