وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
قَوْلُهُ (الْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ) بِلَا نِزَاعٍ. فَلَوْ قَالَ " وَكَّلْتُك. وَكُلَّمَا عَزَلْتُك فَقَدْ وَكَّلْتُك " انْعَزَلَ بِقَوْلِهِ " عَزَلْتُك. وَكُلَّمَا وَكَّلْتُك فَقَدْ عَزَلْتُك ". وَتُسَمَّى الْوَكَالَةَ الدَّوْرِيَّةَ. وَهُوَ فَسْخٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: صِحَّتُهَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: صِحَّةُ الْوَكَالَةِ الدَّوْرِيَّةِ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ قَابِلَةٌ لِلتَّعْلِيقِ عِنْدَنَا. وَكَذَلِكَ فَسْخُهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ تَصِيرَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ لَازِمَةً. وَذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ. وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْمُعَلَّقِ إيقَاعَ الْفَسْخِ. وَإِنَّمَا قَصْدُهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّوْكِيلِ، وَحَلُّهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ. وَالْعُقُودُ لَا تُفْسَخُ قَبْلَ انْعِقَادِهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ.
قَوْلُهُ (وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ) . تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. لَكِنْ لَوْ وُكِّلَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ، أَوْ عَقَدَ عَقْدًا جَائِزًا غَيْرَهَا كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ. قَطَعَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسِّتِّينَ. وَتَبْطُلُ بِالْجُنُونِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: تَبْطُلُ بِالْجُنُونِ الْمُطْبِقِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ بِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute