مِثْلَ الْبَذْرِ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. لِأَنَّ الْبَذْرَ مِثْلِيٌّ وَنَصَرَهُ الْحَارِثِيُّ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: يَجِبُ ثَمَنُ الْبَذْرِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَارِثِيُّ: عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالنَّفَقَةِ عَنْ عِوَضِ الزَّرْعِ. وَكَذَلِكَ عَبَّرَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالسَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَيْسَ بِالْجَيِّدِ. لِوَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَسْتَلْزِمُ مِلْكَ الْمُعَوَّضِ. وَدُخُولُ الزَّرْعِ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ بَاطِلٌ بِالنَّصِّ. كَمَا تَقَدَّمَ. فَبَطَلَ كَوْنُهَا عِوَضًا عَنْهُ.
الثَّانِي: الْأَصْلُ فِي الْمُعَاوَضَةِ: تَفَاوُتُهُمَا وَتَبَاعُدُهُمَا. فَدَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ. وَالصَّوَابُ: أَنَّهَا عِوَضُ الْبَذْرِ وَلَوَاحِقِهِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: يُزَكِّيهِ رَبُّ الْأَرْضِ، إنْ أَخَذَهُ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ. وَإِنْ أَخَذَهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ: فَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. قُلْت: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ، بَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْغَاصِبِ. لِأَنَّهُ مَلَكَهُ إلَى حِينِ أَخْذِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَلَى مُقْتَضَى النُّصُوصِ وَاخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَالْحَارِثِيِّ، وَغَيْرِهِمْ: يُزَكِّيهِ رَبُّ الْأَرْضِ. لِأَنَّهُمْ حَكَمُوا أَنَّ الزَّرْعَ مِنْ أَصْلِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ هَذَا الْمَذْهَبُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ غَرَسَهَا، أَوْ بَنَى فِيهَا: أُخِذَ بِقَلْعِ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ، وَأَرْشِ نَقْصِهَا وَأُجْرَتِهَا) . وَهَذَا مَقْطُوعٌ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ. إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ قَالَ: لَزِمَهُ الْقَلْعُ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالسَّبْعِينَ: وَالْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِلْمَالِكِ قَلْعُهُ مَجَّانًا، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. عَنْهُ: لَا يُقْلَعُ، بَلْ يَتَمَلَّكُهُ بِالْقِيمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute