وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْ مَعَ أَخِيهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَعْتَقَتْ مَنْ أَعْتَقَ. لِأَنَّ مِيرَاثَ الْأَخِ هُنَا مِنْ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ بِالنَّسَبِ، وَهِيَ مَوْلَاةُ الْمُعْتِقِ. وَعَصَبَةُ الْمُعْتِقِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَوْلَاهُ. وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ: أَخْطَأَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ:
مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ: ابْنٌ وَبِنْتٌ اشْتَرَيَا أَبَاهُمَا. فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا. ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ. فَهَلَكَ الْأَبُ، ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ.
فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَمَّا هَلَكَ الْأَبُ كَانَ مَالُهُ بَيْنَ ابْنِهِ وَابْنَتِهِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، بِالتَّعْصِيبِ لَا بِالْوَلَاءِ. وَلَمَّا هَلَكَ الْعَبْدُ. وَخَلَّفَ ابْنَ مَوْلَاهُ، وَبِنْتَ مَوْلَاهُ: كَانَ مَالُهُ لِابْنِ مَوْلَاهُ، دُونَ بِنْتِ مَوْلَاهُ. لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةِ مَوْلَاهُ. لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ: يُرْوَى عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ " سَأَلْت سَبْعِينَ قَاضِيًا مِنْ قُضَاةِ الْعِرَاقِ عَنْهَا فَأَخْطَئُوا فِيهَا " وَلَوْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْعَتِيقِ: وَرِثَتْ الْبِنْتُ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ مَا أَعْتَقَتْ مِنْ أَبِيهَا وَالْبَاقِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُعْتِقِ الْأُمِّ.
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ (وَإِذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ، وَخَلَّفَتْ ابْنَهَا وَعَصَبَتَهَا وَمَوْلَاهَا فَوَلَاؤُهُ لِابْنِهَا) وَكَذَلِكَ الْإِرْثُ.
(وَعَقْلُهُ عَلَى عَصَبَتِهَا) . هَذَا صَحِيحٌ. لَكِنْ لَوْ بَادَ بَنُوهَا: فَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهَا. وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: لِعَصَبَةِ بَنِيهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ " الْوَلَاءُ لَا يُورَثُ " ثُمَّ لِعَصَبَةِ بَنِيهَا. وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute