وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَا يَصِحُّ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يَصِحُّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَيْهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَحَرَّرَ لِأَصْحَابِنَا فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ: ثَلَاثُ طُرُقٍ.
أَحَدُهَا: الْمَنْعُ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ وَطْءُ الْحُرَّةِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ: جَازَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذِهِ الطَّرِيقُ هِيَ عِنْدِي مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَعَلَيْهَا يَدُلُّ كَلَامُهُ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: إذَا لَمْ تُعِفَّهُ. فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُ.
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: فِي الْجَمْعِ رِوَايَتَانِ. كَمَا ذَكَرَ الْمَجْدُ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْفَائِدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْقَوَاعِدِ: لَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ خَائِفُ الْعَنَتِ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلطَّوْلِ حُرَّةً تُعِفُّهُ بِانْفِرَادِهَا، وَأَمَةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ: صَحَّ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَحْدَهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَهُوَ أَصَحُّ. وَقِيلَ: يَصِحُّ جَمْعُهُمَا. قَالَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا. انْتَهَى.
وَإِذَا تَزَوَّجَ أَمَةً فَلَمْ تُعِفَّهُ. فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ نِكَاحِ ثَانِيَةٍ بِشَرْطِهِ ثُمَّ ثَالِثَةٍ كَذَلِكَ، ثُمَّ رَابِعَةٍ كَذَلِكَ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا أَنَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ، وَغَيْرُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute