حَكَاهُ عَنْهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَطَعَ الْمَجْدُ، وَغَيْرُهُ: بِأَنَّ ذَلِكَ غَلَطٌ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَبَيَّنُوا وَجْهَ الْغَلَطِ، وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَقَعُ الطَّلَاقُ دُونَ الْعِتْقِ، وَعَنْهُ: لَا يَقَعَانِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَيْمَانِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَكُونُ مَعْنَاهُ: هِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ بَعْدَ هَذَا، وَاَللَّهُ لَا يَشَاؤُهُ إلَّا بِتَكَلُّمِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَيْضًا: إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بِهَذَا التَّطْلِيقِ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ " وَلَيْسَ قَوْلُهُ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " تَعْلِيقًا، بَلْ تَأْكِيدٌ لِلْوُقُوعِ وَتَحْقِيقٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ: لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَ طَلَاقِهَا حِينَئِذٍ، وَكَذَا إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " أَنْ يَقَعَ هَذَا الطَّلَاقُ الْآنَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُعَلَّقًا أَيْضًا عَلَى الْمَشِيئَةِ، فَإِذَا شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ، فَيَقَعُ حِينَئِذٍ، وَلَا يَشَاءُ اللَّهُ وُقُوعَهُ حَتَّى يُوقِعَهُ ثَانِيًا. انْتَهَى. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، لَوْ قَالَ " يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " تَطْلُقُ، بَلْ هِيَ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ مِنْ قَوْلِهِ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " وَفِي الرِّعَايَةِ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ: طَلُقَتْ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ) ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute