قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ إذَا رَاجَعَهَا حَلَّتْ لَهُ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: تَصِحُّ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إذَا طَلَّقَ، فَلَمْ يَدْرِ: أَوَاحِدَةً طَلَّقَ، أَمْ ثَلَاثًا؟ لَا يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَتَيَقَّنَ؛ لِشَكِّهِ فِي حِلِّهِ بَعْدَ حُرْمَتِهِ، فَتُبَاحُ الرَّجْعَةُ، وَلَمْ يَبُحْ الْوَطْءُ، فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلِضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَحَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِّينَ، فِي تَعْلِيلِ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ: لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ سَبَبَ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ ثَلَاثًا: فَقَدْ حَصَلَ بِهِ التَّحْرِيمُ بِدُونِ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدَةً: فَقَدْ حَصَلَ بِهِ التَّحْرِيمُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِدُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ، فَالرَّجْعَةُ فِي الْعِدَّةِ: لَا يَحْصُلُ بِهَا الْحِلُّ إلَّا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَقَطْ، فَلَا يُزِيلُ الشَّكَّ مُطْلَقًا، فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّ تَيَقُّنَ سَبَبِ وُجُودِ التَّحْرِيمِ، مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ هَذَا الْمَانِعِ مِنْهُ، يَقُومُ مَقَامَ تَحَقُّقِ وُجُودِ الْحُكْمِ مَعَ الشَّكِّ وَوُجُودِ الْمَانِعِ فَيُسْتَصْحَبُ حُكْمُ السَّبَبِ، كَمَا يُعْمَلُ بِالْحُكْمِ وَيُلْغَى الْمَانِعُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ، كَمَا يُلْغَى مَعَ تَيَقُّنِ وُجُودِ حُكْمِهِ. قَالَ: وَقَدْ اسْتَشْكَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ فِي تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ تَيَقَّنَ التَّحْرِيمَ وَشَكَّ فِي التَّحْلِيلِ، فَظَنُّوا أَنَّهُ يَقُولُ بِتَحْرِيمِ الرَّجْعِيَّةِ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ، لِمَا ذَكَرْنَا. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (كَذَلِكَ قَالَ يَعْنِي الْخِرَقِيَّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً، فَوَقَعَ فِي تَمْرٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَاحِدَةً: مُنِعَ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ الَّتِي وَقَعَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ حَتَّى يَأْكُلَ التَّمْرَ كُلَّهُ) ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute