فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَعْتَقَهَا وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا، وَلَمْ يَكُنْ يَطَؤُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ، وَالشَّارِحَ قَالَا: لَيْسَ لَهُ نِكَاحُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا.
قَوْلُهُ (وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، هَلْ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَهُمَا رَوِيَّتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ ابْنِ مُنَجَّا: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي: تَرْجِيحُ الْوُجُوبِ. وَهُوَ قَدْ صَحَّحَ عَدَمَهُ كَمَا حَكَيْنَاهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَالشِّيرَازِيِّ، وَابْنِ الْبَنَّا، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، أَوْ عَجَزَتْ مُكَاتَبَتُهُ، أَوْ فَكَّ أَمَتَهُ مِنْ الرَّهْنِ) . حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ. وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الزَّوْجَةِ، لِيَعْلَمَ هَلْ حَمَلَتْ فِي زَمَنِ الْمِلْكِ أَوْ غَيْرِهِ؟ وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا مَلَكَ زَوْجَتَهُ لِتَجْدِيدِ الْمِلْكِ. قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute