للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ التَّعْزِيرُ بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ. وَفِي تَسْوِيدِ وَجْهِهِ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ. وَقَدْ تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَسْوِيدِ الْوَجْهِ. وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا عَنْ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ؟ قَالَ مُهَنَّا: فَرَأَيْت كَأَنَّهُ كَرِهَ تَسْوِيدَ الْوَجْهِ. قَالَهُ فِي النُّكَتِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ. وَذَكَرَ فِي الْإِرْشَادِ، وَالتَّرْغِيبِ: أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَلَقَ رَأْسَ شَاهِدِ الزُّورِ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ أَصْحَابِنَا: لَا يَرْكَبُ، وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَلَا يُمَثِّلُ بِهِ. ثُمَّ جَوَّزَهُ هُوَ لِمَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ، لِلرَّدْعِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَرَدَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُضْرَبُ ظَهْرُهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ. وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ. وَيُطَافُ بِهِ. وَيُطَالُ حَبْسُهُ. وَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَهُ التَّعْزِيرُ بِحَلْقِ شَعْرِهِ، لَا لِحْيَتِهِ، وَبِصَلْبِهِ حَيًّا. وَلَا يُمْنَعُ مِنْ أَكْلٍ وَوُضُوءٍ. وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ، وَلَا يُعِيدُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ صَلَاةٍ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: هَلْ يُجَرَّدُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ ثِيَابِهِ إلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ؟ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي الْحَدِّ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ، إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ وَلَمْ يُقْلِعْ. ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي شَاهِدِ الزُّورِ، وَقَالَ: فَنَصَّ أَنَّهُ يُنَادَى عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ. وَيُطَافُ بِهِ، وَيُضْرَبُ مَعَ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: يُعَزَّرُ بِقَدْرِ رُتْبَةِ الْمَرْمِيِّ. فَإِنَّ الْمَعْيَرَةَ تَلْحَقُ بِقَدْرِ مَرْتَبَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>