وَقِيلَ: ذَلِكَ فِيمَنْ فِسْقُهُ بِفِعْلٍ، وَذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً، وَعَنْهُ: ذَلِكَ فِي مُبْتَدِعٍ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَالْحَلْوَانِيُّ، لِتَأْجِيلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَبِيغًا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ فِي قَاذِفٍ وَفَاسِقٍ مُدَّةُ عِلْمِ حَالِهِمَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ فِي كِتَابِهِ يَجِيءُ عَلَى مَقَالَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا وُجُودُ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: ٧٠] .
فَائِدَتَانِ
الْأُولَى: تَوْبَةُ غَيْرِ الْقَاذِفِ: النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ، وَالْعَزْمُ أَنْ لَا يَعُودَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَلَوْ كَانَ فِسْقُهُ بِتَرْكِ وَاجِبٍ كَصَلَاةٍ، وَصَوْمٍ، وَزَكَاةٍ، وَنَحْوِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهَا، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ " إنِّي تَائِبٌ " وَنَحْوُهُ، وَعَنْهُ: يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا: مُجَانَبَةُ قَرِينِهِ فِيهِ.
الثَّانِيَةُ: يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ: رَدُّ الْمَظْلَمَةِ إلَى رَبِّهَا، وَأَنْ يَسْتَحِلَّهُ، أَوْ يَسْتَمْهِلَهُ مُعْسِرٌ، وَمُبَادَرَتُهُ إلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَسَبَ إمْكَانِهِ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ: يُعْتَبَرُ رَدُّ الْمَظْلَمَةِ أَوْ بَدَلِهَا، أَوْ نِيَّةُ الرَّدِّ مَتَى قَدَرَ، وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْقَذْفِ: إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ غَيْرُ مَالِيٍّ لِحَيٍّ، فَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَظْلَمَةُ لِمَيِّتٍ فِي مَالٍ: رَدَّهُ إلَى ذُرِّيَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ: فَإِلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَيِّتِ فِي عِرْضِهِ كَسَبِّهِ وَقَذْفِهِ فَيَنْوِي اسْتِحْلَالَهُ إنْ قَدَرَ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَهُ حَتَّى يُرْضِيَهُ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute