مهذب الدين أبو الحسن البغدادي الطبيب. قرأ الأدب على الشريف الشجري، وسمع من أبي القاسم ابن السمرقندي، ومحمد بن أحمد العاقولي. وقرأ الطب وبرع فيه. وخرج عن بغداد ودخل الروم وصار طبيب السلطان هناك. وكثر ماله وارتفع مقداره. ثم إنه سكن خلاط، ثم الموصل إلى أن توفي رحمه الله تعالى سنة عشر وستمائة. وكان قد بعث من خلاط إلى الموصل بوديعة ستة وثلاثين ألف دينار، لما كان عند شاه أرمن. وأضر في آخر عمره وزمن. وكان الناس يأتونه إلى منزله ويقرؤون عليه. وله مصنفات. منها: كتاب المختار في الطب وهو كتاب جليل يشتمل على علم وعمل. وكتاب الطب الجمالي، صنفه لجمال محمد الدين الوزير المعروف بالجواد. ومن شعره:
لقد سبتني غداة الخيف غانية ... قد حازت الحسن في دل لها وصبا
قامت تميس كخوط البان غازله ... مع الأصائل ريحاً شمأل وصبا
يكاد من دقة خصر تدل به ... يشكو إلى ردفها من ثقله وصبا
لو لم يكن أقحواناً ثغر مبسمها ما هام قلبي بحبها هوىً وصبا
علي بن أحمد: بن يوسف بن الخضر. الشيخ الإمام العلامة زين الدين أبو حسن الحنبلي الآمدي العابر. كان شيخاً مليحاً مهيباً صالخاً ثقة صدوقاً كبير القدر والسن. آية عظيمة في تعبير الرؤيا مع مزايا عجيبة. أضر في أوائل عمره.
وله حكايات غريبة. منها أن بعض أصحابه أهدي إليه نصفية حسنة فسرقت من بيته. فرأى شيخه الإمام مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش المقرئ شيخ القراء ببغداد في النوم وهو يقول له: النصفية أخذها فلان، وأودها عند فلان. اذهب وخذها منه. فلما استيقظ قال في نفسه: الشيخ مجد الدين كان صدوقاً في حياته. وكذلك هو بعد وفاته. فذهب إلى الرجل الذي ذكره له الشيخ مجد الدين، فدق عليه الباب فخرج إليه.