للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

- ويجوز:

١ - استرقاقُ العرب (١).


(١) - قوله: (ويجوز استرقاق العرب)، قال في الإفصاح (واختلفوا في استرقاق من لا كتاب له ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان ومن عبَدَ ما استَحسَنَ، فقال أبو حنيفة يجوز استرقاق العجم من عبدة الأوثان دون العرب، وقال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين يجوز ذلك، وسواءٌ في ذلك العجم والعرب، وقال مالك يجوزُ استرقاقُهم على الإطلاق إلا قريشاً خاصَّة، وعن أحمد روايةٌ أخرى لا يجوز على الإطلاق). انتهى.
وقال ابن رشد: (اتفق المسلمون على أنَّ المقصود بالمحاربة لأهل الكتاب ما عدا أهل الكتاب من قريش ونصارى العرب هو أحد أمرين: إمَّا الدخول في الإسلام، وإمَّا إعطاء الجزية لقوله تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا = = الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، وكذلك اتفق عامَّة الفقهاء على أخذها من المجوس لقوله - صلى الله عليه وسلم - (سُنُّوا بهم سُنَّةَ أهل الكتاب).

واختلفوا فيما سوى أهل الكتاب من المشركين هل تُقبَلُ منهم الجزية أم لا، فقال قومٌ: تؤخذ الجزية من كل مشرك، وبه قال مالك، وقومٌ استثنوا من ذلك مشركي العرب، وقال الشافعي وأبو ثور وجماعةٌ لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب والمجوس، والسبب في اختلافهم معارضة العموم للخصوص أمَّا العموم فقوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه}، وقوله عليه السلام: «أمرتُ أن أقاتلَ الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقِّها وحسابهم على الله»، وأمَّا الخصوص فقوله: [- صلى الله عليه وسلم -] لأمراء السرايا الذين كان يبعثهم إلى مشركي العرب، ومعلومٌ أنَّهم كانوا غير أهل كتاب (وإذا لقيتَ عدوَّك من المشركين فادعُهم إلى ثلاث خصال) فذكَرَ الجزيةَ فيها، فمن رأى أنَّ العموم إذا تأخَّر عن الخصوص فهو ناسخٌ له قال: لا تُقبلُ الجزية من مشرك ما عدا أهل الكتاب، لأنَّ الآية الآمرة بقتالهم على العموم هي متأخِّرة عن ذلك الحديث، وذلك أنَّ الأمر بقتال المشركين عامَّة هو في سورة براءة وذلك عام الفتح، وذلك الحديث إنَّما هو قبل الفتح بدليل دعائِهم فيه للهجرة، ومن رأى أنَّ العموم يبنى على الخصوص - تقدَّمَ أو تأخَّرَ أو جُهِل التقدُّمُ والتأخُّرُ بينهما - قال تُقبلُ الجزيةُ من جميع المشركين، وأمَّا تخصيص أهل الكتاب من سائرِ المشركين فخرج من ذلك العموم باتفاق، بخصوص قوله تعالى {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
وقال أيضاً (فأمَّا من يجُوزُ أخذُ الجزيةِ منه، فإنَّ العلماء مجمعون على أنَّه يجوز أخذُها من أهل الكتاب العجم ومن المجوس كما تقَّدَّم، واختلفوا في أخذِها مِمَّن لا كتاب له، وفيمن هو من أهل الكتاب من العرب بعد اتفاقهم فيما حكى بعضهم أنَّها لا تُؤخَذُ من قرشي كتابي وقد تقدَّمت هذه المسألة). انتهى.

<<  <   >  >>