للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - أو تركِها مشتركةً بين الغانمين.

٣ - أو بين جميعِ المسلمين.

- ومن أمَّنه أحدُ المسلمين صار آمناً.

- والرسول كالمُؤمَّنِ.

- وتجوزُ مهادنةُ الكفارِ - ولو بشرط -، وإلى أجل أكثره عشر سنين (١).


(١) - قوله: (وتجوز مهادنة الكفَّار ولو بشرط، وإلى أجل أكثره عشر سنين).
قال في الإفصاح: (واتفقوا على أنَّه إذا عوهِدَ المشركون عهداً وُفِّيَ لهم به، إلا أبا حنيفة فإنَّه شَرَطَ في ذلك بقاء المصلحة، فمتى اقتضت المصلحة الفسخ نُبِذَ إليهم العهدُ وفُسِخ، واتفقوا فيما أعلم على أنَّه لا يجوزُ نقضُه إلا بعدَ نبذِه، واختلفوا في مُدَّةِ العهد، فقال أبو حنيفة وأحمد: يجوز ذلك على الاطلاق إلا أنَّ أبا حنيفة قال: متى وجَدَ الإمام قُوَّةً نبَذَ إليهم عهدهم وفَسَخ، وقال مالك والشافعي لا يجوز أكثر من عشر سنين). انتهى.

وقال ابن رشد: (الفصل السادس: فأمَّا هل تجوزُ المهادنة؟ فإنَّ قوماً أجازوها ابتداءً من غير سبب إذا رأى ذلك الإمام مصلحةً للمسلمين، وقومٌ لم يجيزوها إلا لمكان الضرورة الداعية لأهل الإسلام من فتنةٍ أو غير ذلك، إمَّا بشيءٍ يأخذونه منهم لا على حكمِ الجزية إذ كانت الجزية إنَّما شرطها: أن تؤخذُ منهم وهم بحيث تنفُذُ عليهم أحكامُ المسلمين، وإمَّا بلا شيءٍ يأخذونه منهم، وكان الأوزاعي يُجيزُ أن يصالِحَ الإمام الكفار على شيءٍ يدفعه المسلمون إلى الكفَّار إذا دعت إلى ذلك ضرورةُ فتنةٍ أو غير ذلك من الضرورات، وقال الشافعي لا يعطي المسلمون الكفار شيئاً إلا أن يخافوا أن يُصطَلَموا لكثرة العدد وقِلَّتهم، أو لمحنةٍ نزلت بهم، ومن قال بإجازة الصلح إذا رأى الإمام ذلك مصلحةً مالكُ والشافعيُ وأبو حنيفة، إلا أنَّ الشافعي لا يجوزُ عنده الصلحُ لأكثرَ من المُدَّةِ التي صالح عليها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الكفار عام الحديبية، وسبب اختلافهم في جواز الصلح من غير ضرورة معارضة ظاهر قوله تعالى {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} وقوله تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ} لقولِه تعالى {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} فمن رأى أنَّ آية الأمر بالقتال حتى يُسلِموا أو يُعطُوا الجزيةَ ناسخةٌ لآية الصلح قال: لا يجوز الصلح إلا من ضرورة، ومن رأى أنَّ آيةَ الصلح مخصِّصةٌ لتلك قال: الصلح جائز إذا رأى ذلك الإمام وعضَدَ تأويلَه بفعله ذلك - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أنَّ صُلحَه - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية لم يكُنْ لوضعِ الضرورة، وأمَّا الشافعي فلمَّا كان الأصلُ عنده الأمر بالقتال حتى يُسلِموا أو يُعطوا الجزيةَ وكان هذا مخصَّصاً عنده بفعلِه عليه والسلام لم يرَ أن يُزادَ على المُدَّة التي صالَحَ عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد اختُلِف في هذه المدَّة فقيل كانت أربع سنين، وقيل ثلاثاً، وقيل عشر سنين، وبذلك قال الشافعي، وأمَّا من أجازَ أن يُصالِحَ المسلمون المشركين يأن يُعطوا لهم المسلمون شيئاً إذا دعت إلى ذلك ضرورةُ فتنةِ أو غيرها فمصيراً إلى ما رُوِيَ أنَّه كان عليه السلام قد همَّ بأن يعطيَ بعضَ ثمر المدينة لبعضِ الكفَّار الذين كانوا في جُملةِ الأحزاب لتخبيبهم، فلم يوافِقْهُ على القَدْرِ الذي كان سمحَ لديه من ثَمرِ المدينةِ حتى أفاءَ الله بنصره، وأمَّا من لم يُجِزْ ذلك إلا أنْ يخافَ المسلمون أن يُصطَلَموا فقِياساً على إجماعِهم على جوازِ فِداءِ أُسارَى المسلمين، لأنَّ المسلمين إذا صاروا في هذا الحدِّ فهم بمنزلة الأُسارَى). انتهى.

<<  <   >  >>