للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طِيَرَةَ» (١) مَعَ حَدِيثِ: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ» (٢)، وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحِ، وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ!

وَوَجْهُ الجَمْعِ بَيْنَهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الأَمْرَاضَ لَا تُعْدِي بِطَبْعِهَا، لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (٣) جَعَلَ مُخَالَطَةَ المَرِيضِ بِهَا لِلصَّحِيحِ سَبَباً لِإِعْدَائِهِ مَرَضَهُ.

ثُمَّ قَدْ يَتَخَلَّفُ ذَلِكَ عَنْ سَبَبِهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الأَسْبَابِ، كَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ (٤) تَبَعاً لِغَيْرِهِ (٥)!

وَالأَوْلَى فِي الجَمْعِ بَيْنَهُمَا (٦) أَنْ يُقَالَ: إِنَّ نَفْيَهُ صلى الله عليه وسلم لِلْعَدْوَى بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ، وَقَدْ صَحَّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئاً» (٧)، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ عَارَضَهُ: بِأَنَّ البَعِيرَ الأَجْرَبَ يَكُونُ فِي الإِبِلِ الصَّحِيحَةِ، فَيُخَالِطُهَا فَتَجْرَبُ، حَيْثُ رَدَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟» (٨) يَعْنِي: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (٩) ابْتَدَأَ ذَلِكَ فِي الثَّانِي كَمَا ابْتَدَأَهُ فِي الأَوَّلِ.

وَأَمَّا الأَمْرُ بِالفِرَارِ مِنَ المَجْذُومِ: فَمِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ؛


(١) أخرجه البخاري (٥٧٥٧)، ومسلم (٢٢٢٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٠٧) معلَّقاً، وقد وصله أبو الشَّيخ في أمثال الحديث (١٦٣)، والبيهقيُّ في السُّنن الكبرى (١٣٨٨٧). وانظر: تغليق التَّعليق للمُصنِّف (٥/ ٤٣).
(٣) «وَتَعَالَى» ليست في ح، ط، ل، م.
(٤) في مقدِّمته (ص ٢٨٥).
(٥) منهم: البيهقيُّ، وابن العربيِّ. انظر: الآداب للبيهقيِّ (١/ ١٤٥)، عارضة الأحوذيِّ لابن العربيِّ (٨/ ٣١١).
(٦) «بَيْنَهُمَا» ليست في هـ، و، ز.
(٧) أخرجه الترمذي (٢١٤٣)، وأحمد (٤١٩٨)، وفيه رجل مُبهَم.
(٨) أخرجه البخاري (٥٧١٧)، ومسلم (٢٢٢٠).
(٩) في ب، ط: «تعالى» بدل: «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى».

<<  <   >  >>