السنة ونفيها وتأويلها وتعارضها، كما أن للفقهاء والمتكلمين المنسوبين إلى السنة والجماعة بالمعنى الأصلي قواعد في ذلك.
ومن هنا يتبين أن ما كان عليه السلف في الصدر الأول لم يسمَّ مذهباً في الإسلام، لأنه هو الإسلام كله، وهو كلٌ لا يتجزأ، ولا يجوز أن تفترق فيه الأمة، وقد أمرنا الله - عز وجل - بإقامة ذلك المنهج، وهو الدين: وصيته تعالى إلى الأنبياء، ومنهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال الله - عز وجل -: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}(١)، لكن من غفلة البعض سمّى ذلك مذهبا ليقابل به مذاهب المبتدعين، وكذلك مسمى السلف أو السلفية أُطلق على غير الواقع، فاعتبار مسمى "السلف" أو "السلفية" مذهبا غيرُ صحيح، الصحيح أنه دليل على التزام المنهج المخصوص بالسلوك والاتباع، المجافي للابتداع في الدين، والغلو فيه، لأن القرآن إمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إمام لأصحابه - رضي الله عنهم -، وأصحابه أئمة لمن بعدهم، وهم التابعون رحمهم الله، هكذا أهل السنة والجماعة، كانوا متفقين هم ومن بعدهم في الرد على أصحاب الأهواء، وقد تسكع أصحاب الأهواء بآرائهم فأحدثوا بدعا مختلفة؛ جائرة عن القصد ومفارقة عن الصراط المستقيم.
فالمراد "بالسلف" أو "السلفية" الذين آثروا منهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يحيدوا عنه ولاسيما في الاعتقاد، ولذلك كبُر على المبتدعين ما دعا إليه السلفيون، أعني أهل السنة والجماعة، فسماهم الروافض النواصب بالنظر لغلو الرافضة في آل البيت، واعتدال أهل السنة والجماعة العارفين بفضل آل البيت، ووجوب محبتهم على السَّنن الصحيح، ويستمر السجال العقدي بين أهل السنة والغلاة بكل فرقهم وبدعهم المتنوعة، والتي لا تقف عند حد، حتى قام مجدد الاعتقاد في جزيرة العرب الإمام