للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«جعلتني عِدلا، قل ما شاء الله» (١)، فطهارة المسلم من الشرك تجب اعتقادا ولفظا وعملا، فلا يُعتقد أن مع الله من يُصرف له أيُّ نوع من العبادة مهما كانت تسميتها، لا وسطاء، ولا شفعاء، ولا يُتلفظ بما فيه تعظيم لا يستحقه إلا الله - عز وجل - ولا ما يشعر بعبادة لغير الله - عز وجل -، كطلب قضاء الحوائج، وتفريج الكربات، وغير ذلك، ولا يُقام بعمل فيه لله شريك أو شركاء، فلا يُنذر لغير الله، ولا يُذبح لغير الله، كالأضحية، والهدي والفدية، وغير ذلك مما هو قربة، يرجا بها جلب نفع أو دفع ضرر، ولا يُسأل غير الله فيما لا يقدر عليه أحد سواه، وعلى هذا كانت حماية الركيزة الأولى في العهد النبوي.

فالركائز الخمس دوائر مغلقة يرتبط بعضها ببعض، لو كسرة واحدة منهن أذهبت قوة الكل.

[حماية الركيزة الثالثة]

إن الركيزة الثالثة جزء لا يتجزأ من الركيزة الثانية، ولذلك كانت الشهادتان: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله تكوِّنان الركن الأول من أركان الإسلام، فلابد في توحيد المعبود من توحيد المتبوع، والعكس كذلك إذ لا تُغني أحداهما عن الأخرى، وحماية وحدة المتبوع تكون بالتبرؤ من كل قول لا يتفق مع ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار» (٢)، لأنه الناقل عن الله - عز وجل -، ولأن قوله بأمر أو نهي شرع ألزمنا الله - عز وجل - به، ولذلك قال حسان بن عطية رحمة الله علينا وعليه: "كان جبريل ينزل بالسنة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ينزل عليه بالقرآن" (٣)، لكونه وحي قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٤)، لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد» (٥)، وفي


(١) المعجم الكبير للطبراني حديث (١٣٠٠٦) ..
(٢) البخاري حديث (١٠٧).
(٣) الإبانة الكبرى حديث (٢٢٠).
(٤) الآيتان (٣، ٤) من سورة النجم.
(٥) البخاري حديث (٢٠).

<<  <   >  >>