للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرق بين الشيعة والتشيع]

المراد بالشيعة الأنصار والأعوان، قال تعالى حكاية عن موسى - عليه السلام -: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (١) وقال حكاية عن نوح - عليه السلام -: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} (٢) أي من أنصاره في الدين والتوحيد إبراهيم - عليه السلام -، فاتضح أن للفظ "الشيعة" مسارين: ما يراد به القوم والعشيرة؛ فالذي من شيعة موسى هو من قومه بني إسرائيل، وما يراد به النصرة في الدين والاعتقاد كما حكى الله عن نوح وإبراهيم عليهما السلام.

فالشيعة قد يكونون أنصارا للحق، وقد يكونون أنصارا للباطل.

وكذلك التشيع: له مساران:

الأول: في الحق: وهو حب آل البيت على منهج الكتاب والسنة، وأن لهم الفضل والمكانة العالية لقربهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا لا ينكره مؤمن بالله ورسوله، وعليه أهل السنة والجماعة، من غير إفراط ولا تفريط، وهو ما كان عليه المؤمنون في عهد النبوة، وعهد الخلفاء الراشدين الثلاثة، لم يزد فيه عند البعض على أن عليا - رضي الله عنه - كان أحق بالخلافة لما قدمنا من الأوصاف.

الثاني: في الباطل؛ فإنه لما حدث قتل عثمان - رضي الله عنه - استغل أصحاب الفتنة الموقف، في توسعة الفتنة بما حدث بين على ومعاوية رضي الله عنهما، ونحن لا نشك في أن الحق مع على - رضي الله عنه -، فانقسم الناس إلى موالين لعلي - رضي الله عنه -، وموالين لمعاوية - رضي الله عنه -، ثم انقسم الموالون لعلي بعد التحكيم، إلى موالين لعلي - رضي الله عنه -، ومفارقين له مكفرين للطرفين: علي وأصحابه، معاوية وأصحابه، فتحصل ثلاث فرق:

علي ومن شايعه، ومعاوية ومن معه، والخوارج ضدهما.

فسمي من شايع عليا - رضي الله عنه - شيعة علي - رضي الله عنه -، لأنهم يرون أحقية علي بالخلافة، لما تقدم ذكره في شأن علي - رضي الله عنه - ولم يجاوز الخلاف بينهم وبين من يرى أحقية الخلفاء الثلاثة بالخلافة حسب ترتيب الفضل، فأهل السنة يرون الخلافة صحيحة على


(١) من الآية (١٥) القصص.
(٢) من الآية (٨٣) من سورة الصافات.

<<  <   >  >>