المؤمنين على عزلك بعد عنائك وبلائك؟ ! ، فقال عمر: زعم أني جواد أنفق المال في غير حقه، قال علقمة: والله لقد جئت من الشام أسأله أن ينقل ديوان ابن أخي إلي، وراعيا لإبلي، فآيسني من كل خير هو عنده، قال عمر: قد كان ذلك منه في أمري فماذا عندك؟ ، فقال علقمة وماذا يكون عندي، هم قوم ولاهم الله أمرا ولهم علينا حق؛ فأما حقهم فيؤدى، وأما حقنا فنطلبه إلى الله، فافترقا فلما كان من الغد اجتمع علقمة وخالد عند عمر، فقال عمر: هيه يا خالد لقيت علقمة البارحة فقلت كيت وكيت، فقال خالد والله ما فعلت، فجعل علقمة يعجب من جحده، ثم قال عمر يا علقمة قلت هم قوم ولّاهم الله أمرا، ثم أقتص كلام علقمة الذي كلمه، وخالد ينكر ما سمع، وعلقمة يقول: خل أبا سليمان قد كان ذلك، ثم قال عمر: نعم يا علقمة أنا الذي لقيتك وكلمتك؛ ولأن يكون ما قلت وتكلمت به في قلب كل أسود وأحمر من هذه الأمة أحب إلي من حمر النعم (١).
هذا حال المخلصين لولي الأمر، وليت عثمان - رضي الله عنه - وجد من أهل مصر والكوفة والبصرة مثل قول علقمة، كذلك علي - رضي الله عنه - لم يلق من الخوارج والرافضة إلا التكفير والغلو الخذلان، فنشأت ثلاث فرق هي أمهات الفرق الضالة، فجميع الفرق الضالة على كثرتها ترجع إلى ثلاث: الخوارج، والرافضة، والصوفية الغالية.
[الخوارج]
بدأ انشطار الوحدة الإسلامية بفتنة عثمان - رضي الله عنه -، وتحقق بالفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وذلك بخروج المطالبين بدم عثمان، الأمر الذي نتج عنه تعميق الخلاف بين المسلمين باستحداث أمورا لم تكن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عهد الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا أقرها الخليفتان عثمان وعلي رضي الله عنهما، ولاسيما عليا وآل بيته - رضي الله عنهم -، وظهر الابتداع في الدين في صور شتى منها القريب والبعيد والموغل في البعد والمارق، وتطور ذلك باستخدام الفلسفة من علم الكلام، وتحكيم العقل فيما جاء به الكتاب والسنة، إما بالتأويل،