للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون، صدقا وأمانة والتزاما بحرفية النص، كما هو الحال في نقل القرآن الكريم، أو بالحرفية في نقل السنة، أو باللفظ المرادف الذي لا يحيل المعنى فيها عن مدلوله الصحيح.

[المرتبة الأولى]

أمر الله - عز وجل - جبريل - عليه السلام -، بإنزال القرآن من اللوح المحفوظ، إما بالإيحاء إليه روحانيا، أو أن جبريل حفظه من اللوح المحفوظ، أو أنه نزل به مكتوبا، إلى الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، وهذه رتبة رفيعة لجبريل - عليه السلام - فهو روح القدس، وهو الأمين على وحي الله تعالى لجميع الرسل عليهم السلام، اصطفاه الله من الملائكة لما بيْنه تعالى وبيْن الأنبياء والرسل من أمر النبوات والرسالات، ولما شاء سبحانه، قال - عز وجل -: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} (١)، فالله الذي أنزله بدلالة هذه الآية: وبدلالة قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (٢) وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٣)، منسوبا إلى ذاته سبحانه، والمراد بالحق: ما ورد فيه من أحكام، فذلك حق لا مرية فيه، نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة، وكان النازل به جبريل - عليه السلام -، فوضعه في بيت العزة، وأملاه على السفرة الكرام، {وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} أي بذلك الحق نزل من السماء الدنيا إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ليحقق ما أراد الله في هذا الكون، من العدالة والأمن والاستقرار، ووحدة البشرية في العبادة والمعاملات.

قال ابن عباس: نزل القرآن جملة واحدة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفَرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفَرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرين سنة (٤).


(١) من الآية (١٠٥) من سورة الإسراء.
(٢) من الآية (١٠٦) من سورة الإسراء.
(٣) الآية (١٩٢) من سورة الشعراء.
(٤) الإتقان في علوم القرآن ١/ ٤٥.

<<  <   >  >>