للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكان الكتاب والسنة لهم بالمرصاد، أنفذ أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشا لمحاربتهم، مع أنه لم يعلم عنهم الامتناع عما سوى الزكاة من فرائض الإسلام، لكن الإخلال بركن واحد من أركان الإسلام إخلال بالكل، ولذلك قال أبو بكر - رضي الله عنه -: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه" فقال عمر: "فو الله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق" وفي رواية "عناقا" وهو أصح (١).

فبفضل الله ثم بجهود أبي بكر، والصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان عاد الأمر إلى نصابه، ومع ذلك بقيت لعمر ومن بعده بقية فتن، والله المستعان.

[في عهد عمر - رضي الله عنه -]

لم تكن الردة قاصرة على ما سبق بل لعهد أمير المؤمنين عمر الفاروق نصيب من ذلك وإن قلَّ، فقد ارتد في عهده - رضي الله عنه - بنوا غسان قوم جبلة بن الأيهم، قاتل عامر بن الطفيل الدوسي، وابنه جندب (٢) في معركة اليرموك، وكان تنصر ولحق بالشام هو وقومه، ومات على ردته، وقيل: إنه أسلم، ويروى أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى أحبار الشام لما لحق بهم كتاباً فيه: إن جبلة ورد إليَّ في سراة قومه، فأسلم فأكرمته ثم سار إلى مكة فطاف فوطئ إزاره رجل من بني فزارة فلطمه جبلة، فهشم أنفه وكسر ثناياه، وفي رواية قلع عينه فاستعدى الفزاري على جبلة إليّ، فحكمت إما بالعفو وإما بالقصاص، فقال: أتقتص مني وأنا ملك وهو سوقة؟ ! ، فقلت: شملك


(١) البخاري حديث (٧٢٨٤) ومسلم حديث (٢٢).
(٢) هكذا ورد ذكرهما في فتوح الشام، ولعل اشتباها وقع بالطفيل بن عمرو، وابنه عمرو، أوضحت ذلك في كتاب الجوس في من إلى دوس.

<<  <   >  >>