للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحقد على الإسلام]

[في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

لم يرسل الله - عز وجل - نبيا من الأنبياء إلا عاداه قومه، وكذبه الكثيرون منهم، إلا ما كان من أمر قوم يونس فإنهم آمنوا به ولم يكذبوه فمتعهم الله إلى حين، قال تعالى: ... {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} (١)، وكذلك نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يؤمن به فئام من الناس، وإن كان المؤمنون به هم أكثر الأمم يوم القيامة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم قلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ ، قيل: هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق فإذا سواد يملأ الأفق، ثم قيل لي: انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء، فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل: هذه أمتك ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب» (٢).

ومع هذه الكثرة من المؤمنين به - صلى الله عليه وسلم - فإن أعداءً بقوا على مر العصور وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولذلك قال ورقة بن نوفل لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لما أخبره بما كان يرى: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، ليتني فيها جذعا، أكون حيا حين يخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أو مخرجي هم؟ ! » فقال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا (٣)، وفعلا كاد له كفار قريش وأخرجوه ومن آمن معه، واستقبله الأنصار في المدينة فأعزه الله ومن هاجر معه بنصرتهم - رضي الله عنهم -، ومع ذلك كاد له اليهود، حاولوا اغتياله حين خرج إلى بني النضير يستعينهم في عقل الكلابيين، وكانوا قد دسوا إلى قريش حين نزلوا بأحد في قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحضّوهم على القتال، ودلّوهم على العورة، فلما كلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عقل الكلابيين قالوا: اجلس أبا القاسم


(١) الآية (٩٨) من سورة يونس.
(٢) البخاري حديث (٥٧٠٥).
(٣) البخاري حديث (٦٥٨١) ..

<<  <   >  >>