للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأساورة في البحر، ثم إفريقية، ثم حصون قبرس، ثم ساحل الأردن (١)، ثم كانت مرو، على يد: عبد الله بن عامر، سنة أربع وثلاثين.

بروز البلوى التي وُعد بها عثمان: - رضي الله عنه -

نقم بعض الصحابة - رضي الله عنهم - على عثمان - رضي الله عنه - أمورا لم يرها عثمان - رضي الله عنه - مما ينكر، وكذلك بعض الصحابة - رضي الله عنهم -، ولما اشتد الخلاف كتب نفر من الصحابة بعضهم إِلى بعض، أن أقدموا فالجهاد عندنا، ونال الناس من عثمان، وليس أحد من الصحابة ينهى عن ذلك، ولا يذب إِلا نفر، منهم زيد بن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وأبو هريرة، وآخرون هم من ستمائة رجل منعهم عثمان من الدفاع عنه، وحُصر عثمان - رضي الله عنه - في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، بسبب ما أخذ عليه، وقد اعتذر لعثمان - رضي الله عنه - أبو بكر بن العربي رحمه الله في كتابه العواصم من القواصم، وقد أجاد وأفاد، ورد باعتذاره الحق إلى نصابه، وكان من أسباب الفتنة على عثمان - رضي الله عنه - أنه اجتهد في أمور سُبق إلى مثلها من الشيخين رضي الله عنهما، ولم يرضها أناس، فعاملهم بلطف، ورقة وتواضع، ولم يستعمل الحزم كما فعل عمر مع المخالفين، ولذلك قال له علي - رضي الله عنه -: "إنّ عمر كان يطأ على صماخ من ولّى، وأنت ترفق بهم وكانوا أخوف لعمر من غلامه يرفأ، ومعاوية يستبدّ عليك، ويقول هذا أمر عثمان فلا تُغيِّر عليه" (٢).

وطلب المحاصرون من عثمان - رضي الله عنه - أن يعتزل، فأبى أن يعتزل، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عثمان إنه لعل الله يقمصك قميصا، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم» (٣). وأبا أن يقاتلهم، ونهى عن ذلك، وأغلق بابه، وفاءً لما سمع من رسول الله، أن له الجنة على بلوى تصيبه، فحوصر أكثر من عشرين يوما، وهو في الدار في ستمائة رجل لم يسمح لهم بالدفاع عنه، فاقتحم المحاصرون عليه الدار، فضربه الملعون نيار بن عياض الأسلميّ بمشقص، في وجهه، فسال الدم على


(١) المعارف ١/ ١٩٤.
(٢) تاريخ ابن خلدون ٢/ ٥٩٣.
(٣) الترمذي حديث (٣٧٠٥).

<<  <   >  >>